جدل واسع حول 30 ساعة عمل.. هل سيُفرض القرار على أساتذة الابتدائي قبل الدخول المدرسي؟

مع اقتراب موعد الدخول المدرسي الجديد، يجدد أساتذة السلك الابتدائي مطالبتهم بتخفيض ساعات العمل الأسبوعية وتوحيدها مع باقي الأسلاك التعليمية الأخرى، وذلك لرفع ما يعتبرونه عبئًا تاريخيًا وتمييزًا مهنيًا صريحًا مستمرًا منذ عقود. يأتي هذا المطلب في ظل استمرار النقاشات مع وزارة التربية الوطنية، دون تحقيق تقدم ملموس نحو إنصاف هذه الفئة التعليمية.

مطالب بتخفيض ساعات عمل أساتذة الابتدائي وإنهاء التمييز

تتصدر قضية تخفيض ساعات عمل أساتذة التعليم الابتدائي أجندة اجتماعات النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي بشكل مستمر، لكن هذا الملف لم يشهد أي تحرك جاد يلبي مطالب أساتذة المدارس الابتدائية العمومية. ويشير أساتذة التعليم الابتدائي إلى أن استمرار الوضع الراهن، الذي يفرض عليهم ساعات عمل أطول مقارنة بباقي زملائهم في التعليم الإعدادي والتأهيلي، يجسد تمييزًا غير مبرر، ويشكل عبئًا تاريخيًا فُرض عليهم منذ عام 1983 دون مراجعة.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. 3 أيام إجازة؟ موعد المولد النبوي الشريف 2025 وتفاصيل الاحتفالات في مصر

مقترح نقابي لتوحيد ساعات التدريس على مرحلتين

أنجز الاتحاد الوطني للتعليم، وهو إطار نقابي حديث يهتم بقضايا أساتذة السلك الابتدائي، دراسة معمقة لفحص قانونية اشتغال أساتذة الابتدائي لمدة 30 ساعة أسبوعيًا. وقد اقترح الاتحاد مقاربة مرحلية تستهدف في نهاية المطاف توحيد ساعات العمل بين جميع أسلاك التعليم، بهدف رفع الحيف التاريخي عن أستاذ التعليم الابتدائي وتحقيق العدالة المهنية. تتضمن هذه المقاربة خطوتين رئيسيتين:

  • **المرحلة الأولى (الموسم الدراسي 2025/2026):** اعتماد غلاف زمني أسبوعي للتدريس بالسلك الابتدائي قدره 24 ساعة، مع يومي راحة أسبوعية هما السبت والأحد. وتشير الدراسة إلى أن هذا الحل لا يترتب عليه أي كلفة إضافية على ميزانية الدولة، ويعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل عام 1983، ويمثل خطوة إنصاف أولى ضرورية لتصحيح وضع استثنائي استمر لعقود طويلة.
  • **المرحلة الثانية (الموسم الدراسي 2026/2027):** توحيد الغلاف الزمني الأسبوعي للتدريس بين جميع الأسلاك التعليمية الثلاثة (الابتدائي والإعدادي والتأهيلي). هذا الإجراء يهدف إلى ترسيخ مبدأ الإنصاف الكامل بين الأطر التربوية فيما يخص المهام والتكوين والحقوق، وتكريس العدالة المهنية ضمن هيئة التدريس بشكل عام.

وتؤكد الدراسة أن الوضع الحالي، الذي يلزم أستاذ التعليم الابتدائي بأداء 30 ساعة أسبوعيًا، مقابل 24 ساعة في الإعدادي و21 ساعة في التأهيلي، يجسد تمييزًا صريحًا وغير مبرر. هذا التفاوت يتعارض مع مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص، خاصة بعد توحيد العديد من المعطيات المتعلقة بالتوظيف والتكوين والمهام بين جميع الأسلاك التعليمية.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. هيئة الرقابة ومكافحة الفساد تباشر التحقيق في قضايا جنائية جديدة

غياب السند القانوني لساعات العمل الحالية يثير الجدل

تشير الدراسة إلى وجود فراغ قانوني كبير يحيط بتحديد ساعات عمل هيئة التدريس في المغرب. فعلى الرغم من أن المواد (15 و21 و26) من النظام الأساسي لسنة 2003 نصت على ضرورة تحديد مدة التدريس الأسبوعية بقرار مشترك يصدر عن وزارة التربية الوطنية ووزارة المالية ووزارة الوظيفة العمومية، إلا أن هذا القرار لم يصدر لعموم أساتذة الأسلاك الثلاثة حتى اليوم. الاستثناء الوحيد كان للأساتذة المبرزين في الثانوي التأهيلي، حيث حُددت ساعات عملهم بـ 14 ساعة فقط بموجب قرار مشترك.

يؤكد الاتحاد الوطني للتعليم أن عدد الساعات المعتمد حاليًا (30/24/21) لا يستند إلى أي نص قانوني منشور في الجريدة الرسمية. هذا يعني أن هيئة التدريس، وخاصة أساتذة التعليم الابتدائي، تعمل خارج أي إطار قانوني سارٍ، وهو ما يمثل سابقة غريبة داخل الوظيفة العمومية. وحتى النظام الأساسي الجديد، في مادته 68، يعزز هذا الغموض، حيث ينص على أن تحديد مدة التدريس يتم من طرف وزارة التربية الوطنية بعد استطلاع رأي اللجنة الدائمة لتجديد المناهج والبرامج، وهو ما لم يتحقق بعد، مما يجعل عدد الساعات الحالي غير قانوني وغير منصف.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. مركز الملك سلمان يُوزع آلاف السلال الغذائية والإيوائية على 5 دول

30 ساعة عمل: عبء تاريخي نشأ كإجراء ظرفي

كشفت الدراسة أن الغلاف الزمني لأستاذ التعليم الابتدائي كان محددًا تاريخيًا بـ 24 ساعة أسبوعيًا حتى عام 1983. في ذلك العام، أضيفت 4 ساعات تدريجيًا تحت مسمى “الساعات التضامنية المؤقتة”. جاء هذا الإجراء كحل ظرفي لمواجهة تداعيات أزمة التقويم الهيكلي (PAS) التي مرت بها الدولة، وكان الهدف منه تقليص النفقات العمومية من خلال زيادة ساعات العمل دون مقابل مالي إضافي، مما يحد من الحاجة إلى توظيف كوادر جديدة وبالتالي خفض كتلة الأجور.

تشير الدراسة بوضوح إلى أن هذه الساعات التضامنية لم تكن مجانية بأي حال من الأحوال، بل كانت على حساب راحة الأستاذ ووقته وجهده، لتوفر على الدولة نفقات آلاف الرواتب للموظفين الجدد. وتؤكد المعطيات أن الغلاف الزمني الأصلي لتعلم التلميذ كان 24 ساعة أسبوعيًا فقط، مما يدل على أن الزيادة في ساعات عمل الأستاذ لم تكن مرتبطة برؤية تربوية أو إصلاح بيداغوجي، بل كانت إجراءً ماليًا بحتًا. كما أن نظام العمل قبل 1983 كان يمنح الأستاذ يومي راحة أسبوعية (الجمعة والأحد)، مما يجعل العودة إلى 24 ساعة عمل أسبوعيًا ويومي راحة خطوة منطقية نحو إنصاف هذه الفئة ولا تشكل أي عبء إضافي على ميزانية الدولة.

اقرأ أيضًا: انخفاض طفيف.. مؤشر الأسهم السعودية الرئيس يُسجل تراجعًا في ختام التداولات

تجارب دولية ناجحة في تحديد ساعات عمل معلمي الابتدائي

في سياق البحث عن تطوير منظومة التعليم المغربية، استحضرت النقابة تجارب دولية رائدة في هذا المجال. فقد أُجريت دراسة مقارنة بين النظام المغربي وأربعة أنظمة تعليمية متقدمة، تشترك مع المغرب في تحديات أو سياقات مشابهة، وهي: سنغافورة، بلجيكا، كندا، والإمارات العربية المتحدة. أظهرت نتائج هذه الدراسة فوارق واضحة في عدد ساعات التدريس الأسبوعية لأستاذ التعليم الابتدائي، كما هو مبين في الجدول التالي:

الدولةساعات التدريس الأسبوعية (أساتذة الابتدائي)
سنغافورة15 – 19 ساعة
بلجيكا20 – 23 ساعة
كندا26.4 ساعة
الإمارات العربية المتحدة21.2 ساعة

هذه المقارنات تؤكد أن مطلب تخفيض ساعات عمل أساتذة التعليم الابتدائي يتماشى مع الممارسات الدولية المتقدمة ويدعم دعوات الإنصاف والعدالة المهنية.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. نتائج التاسع سوريا 2025 تُعلن عبر موقع وزارة التربية | رابط الاستعلام بالاسم ورقم الاكتتاب