تحديات جديدة.. هل يعبر الكتاب المغربي “دخولاً ثقافياً” معطوباً؟

مع اقتراب شهر شتنبر من كل عام، تشهد المكتبات المغربية تحولًا لافتًا، حيث تُسحب الكتب الثقافية لإفساح المجال أمام الكتب المدرسية، ما يؤكد العجز المتواصل للكتاب الثقافي عن المنافسة تجاريًا. هذا التحول ينذر بـ “دخول ثقافي” آخر يتسم بالضعف، في وقت تعتبر فيه المكتبات والمؤسسات الثقافية، على الرغم من رسالتها، مقاولات تسعى للربح، ما يجعل من الموسم الدراسي فرصة لجني الأرباح السريعة.

أزمة الكتاب الثقافي في مواجهة الموسم الدراسي

تعتبر المكتبات، في جوهرها، مقاولات تسعى للربح وتفكر بمنطق تجاري بحت. لذلك، يمثل الدخول المدرسي “موسم الجني” لها، حيث يدر الكراس المدرسي أرباحًا سريعة وفورية. على النقيض تمامًا، يعاني الكتاب الثقافي من تدني مستويات القراءة وضعف القوة الشرائية، ما يؤدي إلى تراجع “الدخول الثقافي” ليصبح مجرد طيف عابر في المغرب. في المقابل، يشكل هذا “الدخول الثقافي” مناسبة سنوية حاسمة لصناعة الكتاب في دول مجاورة مثل فرنسا وإسبانيا، حيث تحظى باهتمام كبير.

اقرأ أيضًا: عاجل.. نتائج التاسع 2025 اليمن: رابط فوري بالجلوس

دور النشر المغربية: تحديات بين الربح الثقافي والمدرسي

يتجلى الأمر ذاته لدى عدد محدود من الناشرين الذين يجمعون بين طباعة الكتابين المدرسي والثقافي، وهؤلاء يشكلون قلة قليلة تستحوذ على حصة من سوق الكراس المدرسي المربح. ومع ذلك، فإن الغالبية العظمى من دور النشر المغربية، وهي في الغالب مقاولات صغرى ومتوسطة، لا تجد لنفسها مكانًا في هذا السوق. وتكابد هذه الدور، الوفية لرسالتها الثقافية، لجعل “الدخول الثقافي” مناسبة سنوية مزدهرة في المغرب أيضًا، رغم كل الصعوبات. يعمل العديد من هؤلاء الناشرين على خلق أجواء الدخول الثقافي من خلال عدة استراتيجيات.

استراتيجيات الناشرين في مواجهة التحديات:

  • تراهن دور نشر مهمة على المعارض الدولية، فتبدأ في طباعة كتب جديدة اعتبارًا من شهر شتنبر لعرضها في معارض كبرى مثل الرياض وأبوظبي والقاهرة، وصولًا إلى المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط.
  • تنتظر دور نشر أخرى المواعيد التي تحددها وزارة الثقافة للإفراج عن دعم النشر والكتاب. لا تستطيع هذه الدور الشروع في الطباعة إلا بعد إصدار الوزارة لقائمة الكتب المدعومة، نظرًا لمحدودية إمكانياتها.

دعم النشر والكتاب: بين الأمل والواقع المرير

يزيد الوضع تعقيدًا أن وزارة الثقافة تخصص نسبة ضئيلة جدًا لدعم الكتب الأدبية، مثل الروايات والدواوين الشعرية والمجاميع القصصية، على الرغم من أن هذه الأخيرة هي الأكثر إقبالًا ومبيعًا في المغرب ضمن فئة الكتب الثقافية. في المقابل، يوجه الدعم بشكل أكبر للدراسات والأبحاث. بالإضافة إلى ذلك، يخضع هذا الدعم لاعتبارات كثيرة تفتقر للشفافية، حيث يُعرف المستفيدون من حصة الأسد من الدعم بأنهم الناشرون الكبار الذين يتمتعون بعلاقات قوية داخل الوزارة ودهاليز القرار الثقافي.

اقرأ أيضًا: سداسية كاملة! الهلال يسحق آراو السويسري في مباراة ودية

قيود الإنتاج والتوزيع: رحلة الكتاب الصعبة

تضافرت هذه الظروف لتسهم في تدهور إنتاج الكتاب الثقافي إلى مستويات متدنية للغاية. حاليًا، لا يتجاوز معظم من يطبعون الكتاب الثقافي 500 نسخة على الأكثر. وهو رقم يعتبره الكُتاب هزيلًا ويقلل من قيمة جهودهم في التأليف والإبداع والبحث، ما يعكس ضعف سوق الكتاب الثقافي المغربي.

بعد انتهاء مراحل التأليف والطباعة والإصدار، يصبح الكتاب رهينًا لمتدخل قوي في سلسلة الإنتاج، وهو الموزع. يشتكي ناشرون من هيمنة شركة واحدة “سوشبريس” على سوق التوزيع في المغرب، حيث تطلب من الناشرين شيكًا على سبيل الضمان قبل توزيع كتبهم.

اقرأ أيضًا: هام.. حقيقة زيادة رواتب العسكريين بالمغرب: تفاصيل الخبر كاملة

الجانب الماليالتفاصيل والنسبة
حصة الموزع من دخل الكتابتستحوذ شركة التوزيع على 40% إلى 50% من دخل بيع الكتاب.
نسبة الكتب المرتجعة للناشريمكن أن يسترد الناشر ما يصل إلى 60%، وأحيانًا 100% من الكتب التي لم تُبع.

المشكلة لا تقف عند هذا الحد؛ فالكتاب بعد توزيعه يمكن أن يعود إلى ناشره بكميات هائلة، حيث يمكن أن يسترد الناشر ما يصل إلى 60%، بل أحيانًا 100% من كتب لم تبع ولو نسخة واحدة.

تحديات إضافية: المكتبة الوطنية والإيداع القانوني

ولأن المشاكل تتوالى، ظهرت مؤخرًا مشكلة جديدة تعرقل عمل الناشرين المغاربة على مستوى المكتبة الوطنية. فقد طرأ تغيير إداري في المكتبة الوطنية، فبعد أن كان الناشرون يحصلون على الإيداع القانوني للكتب في غضون 48 ساعة من إيداع الطلب، أصبحوا ينتظرون حاليًا مدة تتراوح بين أسبوعين وثلاثة أسابيع أو حتى شهرًا كاملًا، دون وجود حل واضح لهذا المأزق الذي يعيق عملية نشر الكتب الجديدة في المغرب.

اقرأ أيضًا: بخطوات بسيطة.. افتح حسابك في بنك الخرطوم 2025 من موبايلك