قفزة جديدة.. أسعار الذهب ترتفع بعد إشارة جيروم باول لضرورة تعديل السياسة النقدية | تحليل لتأثير القرار على السوق
شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا بعد أن ألمح رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إلى إمكانية خفض وشيك لأسعار الفائدة الشهر المقبل، رغم إشارته إلى استمرار مخاطر التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة. وقد استقبلت الأسواق هذه التصريحات بارتفاع فوري في قيمة المعدن الأصفر.
تصريحات جيروم باول وأثرها على أسعار الذهب
اتخذ جيروم باول نهجًا متوازنًا في خطابه المرتقب أمام ندوة البنوك المركزية، حيث أكد على وجود مخاطر متزايدة للتضخم في الأجل القريب، إلى جانب تباطؤ في نمو الاقتصاد الأمريكي. ومع ذلك، شدد باول على أنه على الرغم من هذه الموازنة الدقيقة للمخاطر، قد تستدعي الظروف تغييرًا في السياسة النقدية للولايات المتحدة. ونتيجة لهذه التصريحات، شهد سوق الذهب ارتفاعًا إلى أعلى مستوياته خلال الجلسة، حيث بلغ سعر الذهب الفوري 3,353.60 دولارًا للأونصة، مسجلًا ارتفاعًا بنسبة 0.5% خلال اليوم.
موازنة المخاطر: التضخم وسوق العمل
في سياق حديثه عن التحديات الاقتصادية، أوضح باول أن المخاطر تميل نحو ارتفاع التضخم وتراجع معدلات التوظيف في المدى القريب، واصفًا هذا الوضع بالصعب. وأشار إلى أن سعر الفائدة الحالي أصبح أقرب بنحو 100 نقطة أساس إلى المستوى “المحايد” مقارنة بالعام الماضي. كما لفت إلى أن استقرار معدل البطالة ومؤشرات سوق العمل الأخرى تمنح الفيدرالي مرونة أكبر للتحرك بحذر عند دراسة أي تغييرات في سياسته. ومع ذلك، أكد باول أن التوقعات الاقتصادية المتغيرة وتوازن المخاطر قد تتطلب تعديلًا في الموقف السياسي، خاصة مع بقاء السياسة النقدية في نطاق التقييد.
صمود الاقتصاد الأمريكي وتحدياته المتزايدة
أشار باول إلى أن الاقتصاد الأمريكي أظهر قدرًا من الصمود، إلا أنه يواجه تحديات جديدة ومتزايدة. فذكر أن الرسوم الجمركية المرتفعة على الواردات تعمل على إعادة تشكيل النظام التجاري العالمي، بينما أدت سياسات الهجرة المشددة إلى تباطؤ في نمو القوى العاملة. ويركز الاقتصاديون بشدة على سوق العمل، الذي كان استقراره سببًا رئيسيًا لتردد البنك المركزي في خفض أسعار الفائدة. إلا أن باول حذر من تزايد المخاطر التي تهدد سوق العمل، خاصة بعد بيانات التوظيف المخيبة للآمال لشهر يوليو والمراجعات الهبوطية لشهري مايو ويونيو. ووصف الوضع الحالي لسوق العمل بأنه “توازن غريب” ناتج عن تباطؤ ملحوظ في العرض والطلب على العمالة، مما يشير إلى مخاطر متزايدة لتراجع التوظيف، والذي قد يحدث بسرعة على شكل تسريحات جماعية للعمال وارتفاع في معدلات البطالة.
تأثير الرسوم الجمركية على التضخم وتوقعات الفائدة
لم يغفل باول التأكيد على أن مخاطر التضخم لا تزال مصدر قلق كبير. وأوضح أن تأثير الرسوم الجمركية على أسعار المستهلكين أصبح واضحًا بشكل جلي، متوقعًا أن تتراكم هذه الآثار خلال الأشهر القادمة، مع وجود شكوك كبيرة حول توقيتها وكمياتها. وافترض أن هذه الآثار ستكون قصيرة الأجل نسبيًا، كتحول لمرة واحدة في مستوى الأسعار، لكنه نوه إلى أن “لمرة واحدة” لا تعني “تأثيرًا فوريًا”، حيث يستغرق الأمر وقتًا لتشق زيادات الرسوم الجمركية طريقها عبر سلاسل التوريد. كما أضاف أن تطور معدلات الرسوم الجمركية قد يطيل من عملية التعديل هذه. وأكد باول التزام البنك المركزي بعدم السماح لارتفاع مستوى الأسعار لمرة واحدة بالتحول إلى مشكلة تضخم مستمرة، مشددًا على استقرار توقعات التضخم.
إلى جانب الارتفاع الحاد في أسعار الذهب، يشير المحللون إلى أن الأسواق قد استوعبت بشكل كامل احتمال خفض أسعار الفائدة في اجتماع السياسة النقدية القادم. وتظهر أداة “CME FedWatch” أن الأسواق تتوقع احتمال خفض سعر الفائدة مرة أخرى على الأقل قبل نهاية العام الجاري.