لأول مرة منذ 1999.. ارتفاع عوائد سندات اليابان لأعلى مستوى وسط تزايد المخاوف الاقتصادية.

شهدت عوائد سندات الحكومة اليابانية فائقة الأجل ارتفاعاً قياسياً، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ عقود طويلة. يأتي هذا الصعود مدفوعاً بتراجع إقبال المستثمرين الرئيسيين، ومخاوف متزايدة من التوسع المالي المحتمل الذي قد يؤدي لزيادة إصدار السندات، بالإضافة إلى تزايد الضغوط التضخمية التي تدفع باتجاه تشديد السياسة النقدية.

ارتفاع تاريخي لعوائد السندات اليابانية

صعد عائد السندات اليابانية لأجل 20 عاماً بشكل وجيز إلى 2.655% يوم الخميس، مسجلاً أعلى مستوى له منذ عام 1999. كما ارتفع عائد السندات لأجل 30 عاماً إلى 3.18%، مقترباً بشدة من أعلى مستوى تاريخي سجله في يوليو عند 3.2%. يأتي هذا الارتفاع في وقت يستعد فيه المستثمرون لاحتمال إطلاق حزمة تحفيز مالي واسعة النطاق، عقب هزيمة الائتلاف الحاكم في انتخابات مجلس الشيوخ خلال يوليو الماضي. من شأن أي حزمة تحفيز أن تؤدي إلى زيادة إصدار السندات، مما سيكثف الضغوط على السندات طويلة الأجل التي تعاني بالفعل من ضغوط متزايدة.

مخاوف التضخم تضغط على البنك المركزي

في سياق متصل، أدت المخاوف المتزايدة بشأن التضخم إلى إثقال كاهل السندات فائقة الأجل. هذا الوضع يزيد الضغط على بنك اليابان المركزي لاتخاذ قرار بزيادة أسعار الفائدة، في محاولة للسيطرة على وتيرة ارتفاع الأسعار ودعم استقرار السوق المالية.

تراجع حاد في إقبال المستثمرين الأجانب على السندات

تزامن هذا الارتفاع مع ضعف ملحوظ في طلب المستثمرين على شراء السندات اليابانية. ووفقاً لبيانات جمعية متعاملي الأوراق المالية اليابانية، فقد انخفض صافي مشتريات المستثمرين الأجانب للسندات المستحقة بعد أكثر من 10 سنوات بشكل حاد.

يوضح الجدول أعلاه أن صافي مشتريات الأجانب في يوليو لم يتجاوز ثلث المبلغ الذي سُجل في يونيو، مما يشير إلى تراجع كبير في شهية المستثمرين الأجانب بعد مشترياتهم القوية في وقت سابق من العام. في هذا الصدد، كتب أتارو أوكومورا، كبير استراتيجي أسعار الفائدة لدى “إس إم بي سي نيكّو سيكوريتيز” في مذكرة بحثية: “نظراً لأن المستثمرين الأجانب شكّلوا المصدر الرئيسي في الطلب على السندات الحكومية اليابانية فائقة الأجل خلال النصف الأول من عام 2025، فإن التراجع الحاد في صافي مشترياتهم يثير المخاوف من احتمال حدوث اضطراب في منحنى العائد للسندات طويلة الأجل مستقبلاً”.

توقعات متزايدة برفع وشيك لأسعار الفائدة

يعكس هذا التطور قناعة متزايدة بين المتعاملين في السوق بأن رفع أسعار الفائدة في اليابان بات وشيكاً. قال مارك كرانفيلد، المحلل الاستراتيجي في “بلومبرج ماركتس لايف”: “إن الزيادة الأخيرة في مراكز العقود الآجلة على السندات الحكومية اليابانية، تعكس اقتناع المتعاملين الأكثر جرأة بأن احتمال رفع الفائدة في أكتوبر، والذي كان غير محسوم، سيتحول إلى توقع مؤكد، تسعر السوق هذا الاحتمال بالكامل بحلول موعد عودة المحافظ أويدا إلى اليابان”.