ليست صدفة أبداً.. لماذا تُصمم الروبوتات البشرية لتشبه البشر في الشكل والوظيفة؟

شهدت الروبوتات البشرية، التي تحاكي شكل الإنسان وقدراته، طفرة استثمارية هائلة، مع توقعات بتحولها إلى صناعة بمليارات الدولارات واندماجها في حياتنا اليومية بشكل أوسع من الهواتف الذكية. يتسابق عمالقة التكنولوجيا اليوم لتطوير هذه الآلات الذكية القادرة على أداء مهام متعددة في بيئاتنا، من المنازل والمصانع إلى مهام الإنقاذ الخطرة، مما يفتح آفاقًا جديدة ومثيرة للمستقبل.

الروبوتات البشرية: تقنية تحاكي الإنسان شكلاً ووظيفة

بينما تتخذ معظم الروبوتات أشكالًا متنوعة مصممة لأداء مهام محددة كالذراع الصناعية أو المكنسة الآلية، تبرز الروبوتات البشرية، أو “Humanoid Robots”، كفئة متطورة تحظى باهتمام متزايد. تتميز هذه الروبوتات بتصميمها الذي يحاكي جسم الإنسان بشكل واضح، فهي تمتلك رأسًا وجذعًا وذراعين وساقين، وغالبًا ما تتحرك على قدمين، مما يمنحها قدرة فريدة على التكيف مع البيئات التي صممها البشر لأنفسهم.

اقرأ أيضًا: تنبيه عاجل..جامعة الإسماعيلية الأهلية تحذر من رسائل قبول مزيفة

الرهان الأساسي على هذه الروبوتات يكمن في مرونتها وقدرتها على أداء مهام متعددة في أماكن متنوعة، بخلاف الروبوتات التقليدية محدودة الحركة. يمكن للروبوت البشري التنقل بحرية أكبر داخل المنازل ومواقع العمل والشوارع، وصعود الدرج، واستخدام الأبواب، والوصول إلى الأماكن الضيقة، والتفاعل بسلاسة مع البشر. هذه القدرة على التكيف مع البنية التحتية القائمة هي ما يجعلها مرشحة قوية لإحداث ثورة في قطاعات واسعة.

من الخيال العلمي إلى أول روبوت بشري حقيقي

تجلت فكرة الروبوتات الشبيهة بالبشر في الأفلام والروايات منذ عقود طويلة قبل أن تصبح حقيقة ملموسة. فمن شخصية “ماشينمنش” في فيلم “متروبوليس” عام 1927، وصولًا إلى الروبوت “سي-ثري بي أو” الشهير في سلسلة “حرب النجوم”، لطالما ألهمت هذه الآلات الخيال البشري. ومع ذلك، لم يظهر أول روبوت بشري حقيقي إلا في اليابان عام 1972، وكان يحمل اسم “وابوت-1″، ليفتح بذلك الباب أمام حقبة جديدة من التطور التكنولوجي.

اقرأ أيضًا: تراجع مفاجئ.. سعر إم جي 5 موديل 2025 كسر زيرو يخالف التوقعات في سوق المستعمل

سباق عالمي لتطوير الروبوتات البشرية: سوق بمليارات الدولارات

يشهد قطاع الروبوتات البشرية سباقًا استثماريًا محمومًا بين الشركات الكبرى والناشئة، وسط توقعات بتحوله إلى صناعة ضخمة تفوق قيمتها عشرات المليارات من الدولارات. تُعكس هذه التوقعات الطموحة في تقارير المؤسسات المالية العالمية التي تتنبأ بنمو هائل في حجم السوق وعدد الروبوتات المنتشرة.

المؤسسةالتوقعات الزمنيةالقيمة السوقية المتوقعةعدد الروبوتات المتوقع
Goldman Sachsبحلول عام 2035تصل إلى 38 مليار دولار عالمياًما بين 3 إلى 27 مليون روبوت بشري في الخدمة
Bank of Americaبحلول عام 2030بيع مليون روبوت بشري سنوياً
Bank of Americaبحلول عام 20603 مليارات روبوت بشري (ما يعادل روبوتاً لكل 3 أشخاص)

يدعم هذا النمو إيمان المستثمرين بقدرة الروبوتات البشرية على تولي مهام شاقة وخطرة، وتحل مكان البشر في بيئات مثل الصناعات الثقيلة وعمليات الإنقاذ وحتى في مجالات الرعاية الصحية، مما يوفر حلاً مستدامًا للتحديات البشرية والتشغيلية.

اقرأ أيضًا: حصرياً.. أحمد صفوت يكشف عن فيلمه الجديد ورغبته في مسلسل قصير

تحديات تقنية تواجه الروبوتات الشبيهة بالإنسان

على الرغم من الطفرة الهائلة في تطوير الروبوتات البشرية، لا يزال بناء روبوت قادر على التحرك والتصرف ببراعة الإنسان يمثل تحديًا تقنيًا كبيرًا. فإتقان التوازن والتفاعل الاجتماعي المعقد، بالإضافة إلى القدرة على فهم السياق الإنساني الدقيق – مثل التمييز في التعامل بين طفل ومسن – لا يزال بعيدًا عن الكمال المطلوب.

ومع ذلك، أحدثت تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة، خاصةً التعلم المعزز والتعلم بالتقليد، نقلة نوعية في هذا المجال. فقد مكنت هذه التقنيات الروبوتات من اكتساب مهارات معقدة من خلال الملاحظة والتجربة المباشرة، متجاوزة الحاجة للبرمجة التقليدية المطولة، مما يسرع من وتيرة تقدمها.

اقرأ أيضًا: حماية الفنانين.. أشرف زكي يُشكل لجنة برصد انتهاكات حقوقهم بالنقابة

مستقبل الروبوتات البشرية: هل تكون الهاتف الذكي القادم؟

تتباين التوقعات حول الموعد الذي ستصبح فيه الروبوتات البشرية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية ومنشآتنا. فبينما تخضع بعض النماذج لاختبارات فعلية في البيئات المنزلية، يرى محللون أن الانتشار التجاري الواسع قد يستغرق من 5 إلى 10 سنوات. تسعى شركات رائدة مثل “بوسطن دايناميكس” و”تيسلا” و”يونيتري” و”فيجر إيه آي” وغيرها، لفرض سيطرتها على هذا السوق الواعد الذي يُتوقع أن ينافس في حجمه سوق السيارات، وربما يحقق انتشارًا يضاهي الهواتف الذكية.

إن دخول هذه التكنولوجيا المتطورة إلى حياتنا اليومية سيحمل في طياته تأثيرات اجتماعية عميقة لم تُدرس بعد بشكل كافٍ. يتطلب هذا التحول الكبير قيادة مشتركة وتعاونًا وثيقًا بين الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية والمجتمع ككل. الهدف هو ضمان أن هذا التطور التكنولوجي يخدم مصلحة الإنسان ويعزز رفاهيته، وليس العكس.

اقرأ أيضًا: لينا صوفيا تكشف أسرارًا جديدة عن مسيرتها الفنية في حوار حصري

على الرغم من أن هذا المستقبل لا يزال قيد التشكيل، إلا أنه يمثل حلمًا بشريًا يعود عمره لأكثر من قرن، وقد نشهد بدايات تحققه بشكل ملموس في السنوات القليلة القادمة، مما يبشر بعصر جديد في التفاعل بين الإنسان والآلة.