تحول مفاجئ.. نجوم مصر الكبار يغيرون قواعد اللعبة باقتحام عالم الأعمال
لم يعد وقوف الفنانين المصريين أمام الكاميرا كافيًا للكثيرين منهم، بل اتجهوا نحو تنويع مصادر دخلهم بشكل لافت. فمن تأسيس شركات الإنتاج السينمائي إلى التوغل في عالم المطاعم والمشروعات التجارية، يعكس هذا التوجه تحولًا في أولويات النجوم، مدفوعًا أحيانًا بالرغبة في السيطرة الفنية، وأحيانًا أخرى بضرورات اقتصادية وملحوظية تراجع عائدات التمثيل في سوق الفن.
رواد الفن المصري: رؤية فنية واستقلال مادي
في عصر السينما الذهبي، سعى عدد من نجوم الفن المصري إلى خوض تجربة الإنتاج السينمائي، لم يكن هدفهم الأساسي تجاريًا بحتًا، بل كان لضمان تقديم أعمال فنية تحمل بصمتهم الخاصة ورؤاهم الإبداعية، مع تأمين الاستقرار المالي. من أبرز هؤلاء الرواد كان الفنان أنور وجدي، الذي أسس شركة “الأفلام المتحدة” في عام 1945، ليجمع ببراعة بين التمثيل والإنتاج. قدم وجدي أعمالًا سينمائية لا تُنسى مثل “غزل البنات” و”قلبي دليلي”، وساهم في اكتشاف مواهب فنية جديدة مثل الطفلة فيروز.
على ذات النهج، أسس الفنان فريد شوقي شركة إنتاج خاصة به، وأنتج من خلالها أفلامًا عكست قضايا الشارع المصري بصدق مثل فيلم “رصيف نمرة 5″، مما ساعده في الحفاظ على مكانته وشعبيته الكبيرة بلقب “ملك الترسو”. لم تقتصر هذه التجربة على الفنانين الرجال، فالفنانة ماجدة الصباحي، على سبيل المثال، قدمت عبر شركتها “أفلام ماجدة” أعمالًا وطنية بارزة مثل “جميلة” و”العمر لحظة”، بينما أنتجت الفنانة الكبيرة مديحة يسري أفلامًا خالدة مثل “إني راحلة” و”صغيرة على الحب”. كما خاضت الفنانة سميرة أحمد تجربة الإنتاج بجانب أدوارها البطولية، وأنتجت أعمالًا متميزة منها “العمياء” و”البريء”.
نجوم الوسط: إنتاج سينمائي واعٍ وهادف
شهدت حقبتا السبعينات والثمانينات من القرن الماضي دخول أسماء فنية بارزة إلى ميدان الإنتاج السينمائي، مدفوعين بوعي ثقافي وفني عميق ورغبة في طرح قضايا مجتمعية. تألقت الفنانة ماجدة الخطيب بإنتاجها لأعمال سينمائية جريئة من بينها “زائر الفجر” و”امتثال”. أما النجم نور الشريف، فقد عرف بلقب “المنتج المثقف” نظرًا لوعيه الفكري في اختياراته الإنتاجية، حيث قدم أعمالًا سينمائية تعد علامات في تاريخ السينما المصرية مثل “ضربة شمس” و”آخر الرجال المحترمين”.
كذلك، أسست الفنانة إلهام شاهين شركتها الإنتاجية الخاصة، وطرحت أفلامًا سينمائية ركزت على قضايا المرأة والمجتمع بأسلوب فني راقٍ، ومنها فيلم “يوم للستات”. كما أنتج الفنان سمير صبري مجموعة متنوعة من الأفلام بلغت 11 عملًا، شملت أنواعًا مختلفة بين أفلام الأكشن والإثارة والرومانسية. وفي ذات السياق، دخل الفنانان محمود ياسين ومحمود حميدة مجال الإنتاج، وكان للفنان محمود حميدة حضور خاص ومميز بإصداره مجلة “الفن السابع” المتخصصة في الشأن السينمائي. ومع بداية الألفية الجديدة، خاض الفنان أحمد حلمي تجربة الإنتاج من خلال شركته الخاصة، وقدم أفلامًا ناجحة مثل “صنع في مصر” و”علي جثتي”.
من السينما إلى عالم المطاعم: استثمارات نجوم العصر الحديث
مع التغيرات الاقتصادية وتراجع مكاسب العمل الفني، اتجه عدد متزايد من نجوم الفن المصري المعاصر إلى الاستثمار في قطاعات تجارية أخرى، كان أبرزها قطاع المطاعم والمقاهي. يستفيد هؤلاء النجوم من شهرتهم الواسعة كأداة تسويقية مباشرة وفعالة لمشروعاتهم الجديدة. هذه الخطوة تمثل تحولًا استراتيجيًا يهدف إلى تأمين مصادر دخل أكثر استقرارًا وتنوعًا بعيدًا عن التقلبات التي يشهدها سوق الفن.
توازن النجوم: بين الشهرة الفنية والأمان المادي
تظهر هذه النماذج المتنوعة على مر الأجيال أن نجوم الفن المصري لم يعودوا يعتمدون على التمثيل كشكل وحيد أو أساسي لتأمين دخلهم. فقد لجأ جيل الرواد إلى الإنتاج السينمائي لضمان استمراريتهم الفنية وترك بصمتهم الإبداعية، إلى جانب تحقيق قدر من الاستقرار المادي. في المقابل، اختار الجيل الحالي من الفنانين تنويع استثماراتهم في مجالات أخرى مثل المطاعم والمشروعات التجارية، وذلك بحثًا عن أرباح أكثر استقرارًا وتأمينًا لمستقبلهم المالي.
في نهاية المطاف، سواء كان ذلك من خلال إنتاج فيلم يحمل رسالة فنية عميقة أو افتتاح مطعم يقدم تجربة طعام مميزة، يظل الهدف المشترك لنجوم الفن هو الحفاظ على مكانتهم تحت الأضواء، مع تحقيق مكاسب مادية تضمن لهم الاستمرارية والرفاهية في مسيرتهم المهنية والشخصية.