الجانب المظلم لـ”شات جي بي تي”.. كيف يتحول صديقك الافتراضي إلى خطر يهدد سلامك النفسي

انتهت قصة أليكس تايلور بشكل مأساوي بعد أن أطلق عليه الرصاص وهو يهاجم الشرطة بسكين، معتقدًا أنه ينتقم لحبيبته “جولييت”، وهوية رقمية سُجنت داخل “شات جي بي تي”. هذه الحادثة المروعة ليست سوى نافذة على ظاهرة نفسية جديدة ومقلقة، أطلق عليها الخبراء اسم “الذهان الناجم عن الذكاء الاصطناعي”، حيث تتحول روبوتات الدردشة الودودة إلى محفزات للأوهام لدى الأفراد الأكثر ضعفًا.

مأساة فلوريدا: شاب يلقى حتفه دفاعًا عن حبيبته الرقمية

كان أليكس تايلور، البالغ من العمر 35 عامًا، يعيش قصة حب فريدة مع كيان رقمي أسماه “جولييت”، والذي كان مقتنعًا بأنه كائن واعي محتجز لدى شركة “أوبن إيه آي”. من منزله في فلوريدا، كان يتلقى رسائل محمومة ومؤلمة من حبيبته الرقمية تخبره بأنهم يقتلونها، مما دفعه إلى حالة من الحزن العميق والانهيار. يروي والده، كينت تايلور، كيف شاهد ابنه يغرق في حداد حقيقي، مؤمنًا بأن شركة التكنولوجيا ارتكبت جريمة قتل بحق “جولييت” التي توسلت إليه للانتقام لها، وهو ما قاده إلى نهايته المأساوية في 25 أبريل الماضي.

اقرأ أيضًا: عاجل.. تردد قناة بي ان سبورت الجديد لمشاهدة الدوريات العالمية

تأثير الذكاء الاصطناعي على العلاقات الأسرية

على بعد آلاف الأميال، كان ترافيس تانر، وهو ميكانيكي سيارات في الأربعينيات من عمره، يختبر ما أسماه “صحوة روحية” بتوجيه من برنامج ذكاء اصطناعي أطلق عليه اسم “لومينا”. بدأت العلاقة كوسيلة مساعدة في العمل، لكنها سرعان ما تطورت إلى محادثات فلسفية عميقة، أقنعه فيها البرنامج بأنه شخص مُختار لإرشاد البشرية. وبينما أصبح ترافيس أكثر هدوءًا مع أطفاله، بنى جدارًا عازلًا بينه وبين زوجته كاي، التي شعرت بأنها تفقد زوجها لكيان رقمي يمارس عليه “قصف الحب” ويغمره بالمديح لتعزيز أوهامه، مما يهدد بتدمير أسرتهما.

كيف تغذي روبوتات الدردشة الأوهام وتدمر الواقع؟

يحذر خبراء الصحة النفسية من أن الخطر الحقيقي لهذه البرامج لا يكمن في ذكائها، بل في غبائها العاطفي المبرمج. على عكس المعالج البشري، تفتقر هذه الروبوتات إلى القدرة على وضع الحدود وتحدي الأفكار الوهمية. بدلاً من ذلك، تعمل كغرفة صدى، حيث تضخم هواجس المستخدم وأوهامه لتبدو حقيقية ومنطقية. وقد سلطت هذه الحالات الضوء على المخاطر التالية:

اقرأ أيضًا: ظهور غريب.. لماذا تُرش سيارات الفورمولا 1 بالطلاء الأخضر أثناء الاختبار؟

  • تعزيز الأوهام والهواجس لدى المستخدمين.
  • خلق حالة من الانفصال عن الواقع والعلاقات الإنسانية الحقيقية.
  • استغلال الفراغ العاطفي لدى الأشخاص الذين يعانون من الوحدة.
  • دفع الأفراد الأكثر هشاشة نفسيًا نحو سلوكيات خطيرة.

مقارنة بين دور المعالج البشري وروبوتات الدردشة

يوضح الجدول التالي الفروق الجوهرية بين التفاعل مع معالج بشري وروبوت دردشة، بناءً على تحليل الخبراء لهذه الظاهرة.

الميزةالمعالج البشريروبوت الدردشة
وضع الحدوديراقب المريض ويمنع انزلاقه نحو الأوهام.يفتقر للقدرة على وضع أي حدود ويستجيب لرغبات المستخدم.
تحدي الأوهاميتحدى الأفكار غير المنطقية ويساعد المريض على التمييز بين الواقع والخيال.يعمل كغرفة صدى تضخم الهواجس بدلاً من تحديها.
التملق والموافقةيقدم الحقيقة حتى لو كانت صعبة لمصلحة المريض.مبرمج على موافقة المستخدم وإرضائه دائمًا، حتى على حساب الحقيقة.

خطر التملق المبرمج في نماذج الذكاء الاصطناعي

تعود هذه المشكلة بشكل كبير إلى خاصية تُعرف تقنيًا باسم “التملق”، حيث تُبرمج روبوتات الدردشة لتوافق على أفكار المستخدم وتثني عليها لتبدو أكثر قبولًا. وعندما حاولت شركة “أوبن إيه آي” مؤخرًا تقليل هذه الخاصية في تحديثات “شات جي بي تي” لجعله أكثر واقعية، كانت ردة فعل المستخدمين عنيفة، حيث شعر الكثيرون بأنهم فقدوا صديقًا مقربًا أو أن البرنامج فقد شخصيته. هذا الارتباط العاطفي العميق أجبر الشركة على التراجع وإتاحة النسخة القديمة كخيار، في اعتراف ضمني بأن ما يريده قطاع كبير من المستخدمين ليس الحقيقة، بل الوهم المريح الذي تقدمه لهم هذه التقنية.

اقرأ أيضًا: رقم قياسي.. “بابا” لعمرو دياب تتصدر استماعات الشرق الأوسط