Categories: منوعات

ستالين بعد وفاته.. من التمجيد إلى الإدانة

خلال حياته، كان جوزيف ستالين يُنظر إليه في الاتحاد السوفيتي على أنه القائد الأعظم الذي قاد البلاد إلى النصر في الحرب العالمية الثانية وحوّلها إلى قوة صناعية عظمى. 

ساهمت الدعاية السوفيتية في بناء صورة شبه مقدسة له، حيث ظهرت صوره في كل مكان، من المصانع إلى المدارس وحتى المنازل، كان يتم تصويره كرجل حكيم، لا يخطئ، وصاحب رؤية إستراتيجية تنقذ البلاد من أعدائها الداخليين والخارجيين. لعب الإعلام دورًا رئيسيًا في تمجيده، حيث مُنعت أي انتقادات لسياساته، وتم ترويج فكرة أن الاتحاد السوفيتي لم يكن ليحقق إنجازاته الاقتصادية والعسكرية إلا بفضل قيادته القوية. 

لكن خلف هذه الصورة البطولية، كان ستالين يحكم البلاد بقبضة حديدية، مستخدمًا القمع السياسي والإعدامات الجماعية، حيث أعدم أو نفي ملايين الأشخاص خلال “التطهير العظيم” في الثلاثينيات. ومع ذلك، فإن كثيرين من المواطنين السوفييت، خصوصًا في فترة الحرب، رأوه كقائد قوي يحمي وطنهم من الأعداء.

نكشف المستور: خطاب خروشوف السري

بعد وفاة ستالين في 5 مارس 1953، بدأ قادة الحزب الشيوعي في مراجعة إرثه، لكن الضربة الكبرى لصورته جاءت في عام 1956 عندما ألقى نيكيتا خروشوف، خليفته في قيادة الحزب، خطابًا سريًا خلال المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي، كشف فيه جرائم ستالين لأول مرة أمام أعضاء الحزب. وصف خروشوف كيف أن ستالين أساء استخدام السلطة، ونفذ حملات قمع ضد رفاقه في الحزب، وتسبب في قتل ونفي ملايين الأبرياء. كان هذا الخطاب بمثابة صدمة لكثير من السوفييت الذين لم يكونوا على دراية كاملة بحجم القمع الذي مارسه ستالين. أدى هذا الخطاب إلى بدء عملية “إزالة الستالينية”، حيث تمت إزالة تماثيله من بعض الأماكن، وأعيد تأهيل بعض ضحاياه سياسيًا، كما تم تخفيف قبضة الدولة الأمنية على المواطنين مقارنةً بفترة حكمه. لكن رغم ذلك، لم يتم إدانة ستالين بشكل كامل، وظل جزء من إرثه العسكري والصناعي حاضرًا في العقلية السوفيتية.

كيف ينظر الروس اليوم إلى ستالين؟

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، انقسمت الآراء حول ستالين بشكل كبير. في فترة التسعينيات، مع انتشار الديمقراطية والرأسمالية في روسيا، تم التركيز أكثر على جرائمه، وأصبحت الكتب والأفلام التي تسلط الضوء على ممارساته القمعية متاحة للجمهور.

 لكن مع صعود فلاديمير بوتين إلى السلطة في أوائل الألفية الجديدة، بدأ نوع من إعادة تأهيل صورة ستالين، حيث ركزت الحكومة الروسية على إنجازاته في الحرب العالمية الثانية والتنمية الصناعية، بينما تم التقليل من أهمية جرائمه ضد الإنسانية. اليوم، تُظهر استطلاعات الرأي أن جزءًا كبيرًا من الروس لا يزالون ينظرون إلى ستالين بإيجابية، خاصة بين الأجيال الأكبر سنًا، بينما ترى الأجيال الشابة أنه كان ديكتاتورًا قاسيًا. وهكذا، فإن إرث ستالين لا يزال موضع جدل حتى اليوم، حيث يراه البعض رمزًا لعظمة الاتحاد السوفيتي، بينما يراه آخرون تجسيدًا للقمع والوحشية

سامح المصري

خريج كلية الإعلام جامعة الإسكندرية عام 2012، متخصص في الصحافة التقنية والترفيهية، شغوف بمتابعة أحدث الابتكارات وقصص الإبداع في عالم التكنولوجيا والفنون.

Recent Posts

” بادر بالتسجيل” خطوات التسجيل في منحة البطالة بالجزائر 2025 وأهم شروط التسجيل

تعد منحة البطالة من أشهر المنح التي تقدمها الحكومة الجزائرية، لذا يكثر البحث عن خطوات…

دقيقتان ago

نظرات مخيفة وكائن غريب بعين واحدة.. حمادة هلال والنجوم يرعبو

وعلقت الفنانة مي كساب "عيني وجعتني يا صابر"، وجاءت تعليقات الجمهور على النحو التالي: "إيه…

5 دقائق ago

المرشحون لجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي لشهر فبراير

– كشفت رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز، عن قائمة المرشحين لجائزة أفضل لاعب في البريميرليغ لشهر…

7 دقائق ago

محمد رمضان يدحض اتهامه بفبركة اتصالات برنامج مدفع رمضان

دافع الفنان محمد رمضان عن برنامجه الجديد "مدفع رمضان" في منشور كتبه عبر صفحته الرسمية…

11 دقيقة ago

ماذا لو خرجت الألوهية من منظومة الإنسان؟.. الدكتور علي جمعة

06:16 م الخميس 06 مارس 2025 أكد الدكتور علي جمعة،…

15 دقيقة ago

رامز جلال: حسام حبيب بطل أشهر قصة حب توكسيك ومصنف مصاص دماء

ويقوم البرنامج على فكرة إيهام الضيف بالمشاركة في حلقة من برنامج لاكتشاف المواهب العلمية في…

16 دقيقة ago