في قلب مدينة المنيا، حيث تتلامس مياه النيل مع ترابها الخصيب، تُروى قصة أسامة ربيع، شاب يافع ذو بدايات ملهمة، أنهى موسمه الكروي مبكرًا مع فريق المنيا في دوري الممتاز “ب”، ليضع الكرة جانبًا ويعتلق السقالات، ممسكًا بالمطرقة والمعول سعيًا وراء لقمة عيشه، نشأ أسامة في بيئة جعلت منه “صنايعي” مبدعًا في مهنة البناء التي تعلمها منذ الصغر، لكن رغم ذلك بقي عشق كرة القدم يتأجج بداخله، ليعود بين حين وآخر إلى الملاعب التي تخللتها أحلامه، تاركًا خلفه غبار الطوب والبنايات.
على أعتاب عمر الثانية والعشرين، واجه أسامة تحديات الحياة كما يفعل الكبار، فهو لاعب المنيا الشاب الذي لم ينتظر أي فرصة تُهدى له، بل اقتنصها بيد عاملة تكسوها آثار البناء، وأخرى تلمع من موهبة فريدة، وبينما تتوقف صافرات الملاعب، يصعد أسامة السقالات دون تردد ليكمل سعيه الدؤوب نحو حياة كريمة.
بدأ أسامة طريقه في البناء منذ نعومة أظفاره، لم يكن هذا العمل مجرد مصدر للرزق، بل مهارة صقلتها الحياة معه، غير أن كرة القدم سرعان ما استردته من بين أكوام الأسمنت والغبار، لتأخذه إلى الملاعب الخضراء مجددًا، حيث تتحقق الأحلام، وبين طموح بسيط يحلم بحياة “مستورة”، ورغبة عارمة في تحقيق الشهرة، يظل أسامة ممزقًا بين هذين العالمين.
مسيرة أسامة ربيع الكروية بدأت من أكاديمية سمالوط، ومنها انطلق ليصبح جزءًا من نادي الاتحاد السكندري، حيث تابع شغفه إلى الإمارات ليمثل نادي حتا لمدة عام، قبل أن يعود مجددًا إلى الاتحاد تحت قيادة كل من حسام حسن وعماد النحاس، ما جعله ينضم لصفوف منتخب مصر للشباب لاحقًا.
لكن رحلة أسامة لم تكن سهلة، فالعقود المتعثرة والتقلبات المستمرة في مسيرته أجبرته على اختيار مسارات جديدة، حيث وجد نفسه في طلائع الجيش تحت قيادة طارق العشري، ولكن التغييرات الفنية آنذاك قادت مسيرته نحو نادي الهلال المطروحي في القاهرة، إلا أن انسحاب المستثمر عن النادي كان نقطة تحول، ليجد نفسه يبحث عن فرصة جديدة، وبعد انتظار طويل أضاء الفرج ممثلًا في اتصال هاتفي من شديد قناوي، الذي فتح له أبواب نادي المنيا.
اليوم، يعيش أسامة ربيع تطلعًا كبيرًا لتحقيق الاستقرار في حياته، حيث يرنو إلى الزواج وإكمال نصف دينه، لكن ضيق الحال يقف حاجزًا بينه وبين هذا الحلم، إذ لا يكفي راتبه من كرة القدم لتغطية نفقات العيش، فما بالك بتكاليف تكوين أسرة؟
حكاية أسامة ليست مجرد قصة لاعب كرة قدم، بل هي صراع داخلي مستمر بين العيش بكرامة وتحقيق أحلام الشهرة والنجومية، وفي ظل هذا الواقع القاسي، يبقى السؤال معلقًا: هل ستتمكن موهبة أسامة من كسر قيود الفقر وتحقيق طموحاته التي تحلّق في سماء الرياضة؟