الإشريكية القولونية، بكتيريا شائعة، قد تتحول إلى تهديد صحي خطير. تكمن المفاجأة في أن هاتفك المحمول قد يكون ناقلاً غير متوقع لهذه البكتيريا المسببة للتسمم الغذائي والإسهال الدموي، خاصة لدى الأطفال وكبار السن. تؤكد الدكتورة إيمان عبد العظيم هذا الخطر وتقدم نصائح هامة لتجنب الإصابة بها.
تُعد بكتيريا الإشريكية القولونية (E. coli) من الكائنات الدقيقة المنتشرة على نطاق واسع، والتي تعيش بصورة طبيعية داخل أمعاء الإنسان والحيوان دون أن تسبب أي مشاكل صحية في أغلب الأحيان. إلا أن بعض السلالات النادرة من هذه البكتيريا تمتلك القدرة على إفراز سموم خطيرة. يمكن لهذه السلالات أن تؤدي إلى تسمم غذائي شديد ومضاعفات صحية بالغة الخطورة، مثل الإسهال الدموي الحاد والتهابات المسالك البولية المتكررة، الأمر الذي يستدعي الحذر الشديد والانتباه بشكل خاص للفئات الأكثر ضعفًا، كالأطفال الصغار وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.
الهاتف المحمول.. مصدر خفي للبكتيريا الخطيرة
قد لا يخطر ببال الكثيرين أن الهاتف المحمول، الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، يمكن أن يكون بيئة خصبة لتكاثر ونقل بكتيريا الإشريكية القولونية الخطيرة. أظهرت دراسات متعددة أن الهواتف المحمولة قد تحمل أعدادًا من البكتيريا تفوق بكثير تلك الموجودة على مقعد المرحاض نفسه، خاصة إذا كانت تستخدم باستمرار في أماكن غير نظيفة دون تنظيف دوري. هذا الاكتشاف يسلط الضوء على ضرورة إعادة تقييم عاداتنا الصحية المتعلقة باستخدام الأجهزة الإلكترونية الشخصية.
كيف ينتقل التلوث من الهاتف؟
يتحول الهاتف المحمول إلى وسيلة لنقل البكتيريا عند استخدامه في أماكن ملوثة، لاسيما داخل دورات المياه. تشرح الدكتورة إيمان عبد العظيم، استشارية الأطفال، في تصريحات خاصة لـ صدى البلد، أن الهاتف يتعرض للقطرات الدقيقة المتطايرة من المرحاض أو يلامس الأيدي الملوثة بالبكتيريا مباشرة خلال وجوده في هذه البيئة. عند إخراج الهاتف واستخدامه لاحقًا أثناء تناول الطعام أو عند ملامسة الوجه دون تنظيفه مسبقًا، تنتقل البكتيريا بسهولة إلى جسم الإنسان، مما يعرضه لخطر الإصابة بالعدوى.
نصائح وقائية هامة لتجنب العدوى
للوقاية من خطر الإصابة ببكتيريا الإشريكية القولونية والمحافظة على صحتك وسلامة عائلتك، يجب اتباع مجموعة من الإرشادات الوقائية الدقيقة والصارمة. هذه الإجراءات لا تقتصر فقط على النظافة الشخصية، بل تشمل أيضًا كيفية التعامل مع الطعام وضمان نظافة أدوات المطبخ. الالتزام بهذه النصائح يقلل بشكل كبير من احتمالية التعرض للعدوى ويحمي من المضاعفات الصحية المحتملة.
اغسل يديك جيدًا بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية، وهي المدة الموصى بها لضمان إزالة الجراثيم بفعالية. يُعد غسل اليدين ضروريًا بشكل خاص بعد استخدام الحمام، وكذلك قبل البدء في تناول الطعام أو تحضيره، لقطع سلسلة انتقال البكتيريا. هذه العادة الصحية البسيطة تشكل خط الدفاع الأول ضد العديد من الأمراض المنقولة عبر الأيدي.
امتنع تمامًا عن استخدام الهاتف المحمول داخل الحمام أو دورة المياه، ولا تضعه على أي من الأسطح الموجودة هناك. هذه الأماكن بيئة خصبة للبكتيريا والجراثيم، واستخدام الهاتف فيها يزيد من خطر تلوثه وانتقال الميكروبات إلى يديك ثم إلى جسمك. حافظ على هاتفك بعيدًا عن هذه البيئة لضمان نظافته وتقليل مخاطر العدوى.
نظّف هاتفك المحمول بانتظام ودورية باستخدام مناديل مخصصة مضادة للبكتيريا أو قطعة قماش نظيفة مبللة بالكحول بنسبة 70%. تأكد من مسح جميع أسطح الهاتف بعناية فائقة، بما في ذلك الشاشة والغطاء الخلفي، لإزالة أي بكتيريا أو فيروسات قد تكون متراكمة عليه. هذه العملية البسيطة تساهم في تقليل حمل الميكروبات على جهازك وتحميك من انتقال العدوى.
اطه الطعام جيدًا عند درجات حرارة مرتفعة، خاصة اللحوم الحمراء مثل البرجر وشرائح اللحم، وكذلك الدواجن. الحرارة العالية تقتل بكتيريا الإشريكية القولونية وغيرها من الكائنات الدقيقة الضارة التي قد تتواجد في اللحوم النيئة. تأكد من أن الطعام قد نضج تمامًا في جميع أجزائه قبل تناوله، لضمان سلامته وصلاحيته للاستهلاك البشري.
تجنّب شرب المياه غير النظيفة أو الملوثة، وتأكد دائمًا من مصدر المياه التي تستهلكها لضمان نقائها. يفضل بشكل قاطع شرب المياه المفلترة أو المياه المعدنية المعبأة، خاصة عند السفر أو في الأماكن التي قد تكون فيها جودة مياه الصنبور غير موثوقة. الحفاظ على نقاء مصادر الشرب يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالأمراض المنقولة عبر المياه.
اغسل الفواكه والخضروات جيدًا بالماء الجاري قبل تناولها، ويمكنك إضافة قليل من الخل أو عصير الليمون لتعزيز عملية التنظيف وإزالة البكتيريا. انتبه بشكل خاص عند غسل الأوراق الخضراء، مثل الخس والسبانخ، حيث يمكن أن تكون ملوثة بالبكتيريا من التربة أو مياه الري. التنظيف الشامل لهذه الأطعمة يضمن سلامتها للاستهلاك.
احرص على نظافة أدوات المطبخ المستخدمة في تحضير الطعام، مثل ألواح التقطيع والسكاكين، بعد كل استخدام. خصص أدوات منفصلة لتقطيع اللحوم النيئة وأخرى للخضروات والفواكه لمنع التلوث المتقاطع. التنظيف الجيد لهذه الأدوات بالماء الساخن والصابون يزيل بقايا الطعام ويقضي على البكتيريا، مما يحافظ على بيئة مطبخ صحية وآمنة.
تجنب تناول الأطعمة من مصادر غير مضمونة، خصوصًا تلك التي تباع في الشوارع أو أثناء السفر، حيث يصعب التحقق من معايير النظافة والجودة. هذه الأطعمة قد تكون ملوثة ببكتيريا الإشريكية القولونية أو غيرها من المسببات المرضية، مما يعرضك لخطر الإصابة بالتسمم الغذائي. الأفضل هو الابتعاد عن تناولها نهائيًا للحفاظ على سلامتك الصحية.