رسمت قصور ثقافة الأقصر أجواء من البهجة والفرحة خلال الإجازة الصيفية، مقدمةً دعمًا ثقافيًا للأطفال والكبار عبر فعاليات وورش متنوعة. انطلقت الأنشطة ضمن مبادرة “مصر تتحدث عن نفسها” بمدينة الطود، مستهدفةً إبراز الهوية الثقافية المصرية وتعزيز التراث الوطني من خلال برنامج “سهرة في دوار العمدة”.
صيف الأقصر: تعزيز الهوية الثقافية للأجيال
شهدت محافظة الأقصر انطلاق أولى فعاليات الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة اللواء خالد اللبان، ضمن مبادرة وزارة الثقافة “مصر تتحدث عن نفسها”. جاء ذلك في إطار محور شهر يوليو للمبادرة تحت شعار “تراثك ميراثك”، بهدف تعزيز ملامح الهوية الثقافية المصرية عبر أنشطة فنية وتراثية غنية ومتنوعة.
“مصر تتحدث عن نفسها”: مبادرة نوعية لترسيخ التراث
استهل قصر ثقافة حاجر العديسات الفعاليات بلقاء أدبي مميز، حمل عنوان “التراث ميراث فكري وثقافي ينتقل عبر العصور”. تحدث الأستاذ وليد الضوي، مدرس اللغة العربية وعضو نادي أدب الطود، خلال اللقاء عن المفهوم الشامل للتراث وأبعاده الفكرية والثقافية. أكد الضوي أن التراث يشمل العادات والتقاليد والفنون والعلوم التي تنتقل بين الأجيال.
أوضح الضوي الدور المحوري للتراث في ترسيخ الهوية الثقافية للأفراد والمجتمعات على حد سواء. يعد التراث وسيلة أساسية للحفاظ على التاريخ والذاكرة الجمعية للأمة. كما يحمل إمكانات كبرى في تنشيط السياحة ودعم الاقتصاد المحلي، مما يعكس أهميته الاستراتيجية للمجتمع.
استعرض المحاضر أقسام التراث المختلفة، موضحًا أن التراث المادي يتضمن الآثار والمباني التاريخية والتحف الفنية، بينما يضم التراث غير المادي العادات والأساطير والفنون الشعبية. تطرق اللقاء أيضًا إلى التحديات التي تواجه صون التراث، أبرزها التدهور الناتج عن العوامل الطبيعية والبشرية، وفقدان الذاكرة بسبب غياب التوثيق، إضافة إلى تأثيرات التحديث والتكنولوجيا السريعة.
شدد الضوي في ختام حديثه على الأهمية القصوى للتوثيق العلمي الدقيق للتراث وضرورة حمايته بشكل فعال. أكد على لزوم نشر ثقافة الوعي بأهمية التراث بين الأجيال من خلال التعليم والتربية. يضمن ذلك استمرارية التراث كجزء أصيل من هوية الوطن وذاكرته الثقافية الحية.
ورش فنية وتراثية تثري فعاليات قصور الثقافة
جاء هذا اللقاء ضمن أنشطة إقليم جنوب الصعيد الثقافي، بإدارة محمود عبد الوهاب، ونفذته فرع ثقافة الأقصر برئاسة حسين النوبي. تضمنت الفعاليات أيضًا مجموعة من الورش الفنية والتراثية المبتكرة. شملت ورشة فنون تشكيلية نفذتها الفنانة شيرين محمد خير، وورشة حكي تراثي تناولت أبرز الأمثال الشعبية المتداولة ومناسباتها. بالإضافة إلى ورشة أشغال يدوية هدفت لتدريب الأطفال على إنتاج مشغولات تراثية بخامات البيئة المحلية.
استكملت الفعاليات بمحاضرة قيمة بعنوان “كيفية الحفاظ على التراث الثقافي”، قدمها الأستاذ محمد الطيري، كبير معلمي اللغة العربية بالتربية والتعليم. عرف الطيري التراث بأنه كل ما تتوارثه الأجيال من عادات وتقاليد ومعارف ومهارات، بالإضافة إلى الممتلكات المادية كالمباني التاريخية والآثار. هذه العناصر جميعها تشكل هوية المجتمع وتعبر عن تاريخه العريق.
تناول المحاضر تفصيليًا السبل الفعالة لصون التراث، ومنها تعليم النشء الحرف اليدوية التقليدية وحماية المواقع التراثية البارزة. شدد على أهمية تعزيز الوعي المجتمعي حول قيمة التراث، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في حفظه وتوثيقه. كما دعا إلى الاحتفاء بالمناسبات الوطنية وتنظيم لقاءات دورية للتعريف بالعادات والتقاليد الأصيلة، مما يسهم في استدامة هذا الموروث.
تواصلت الفعاليات المنفذة بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، مقدمةً المزيد من الأنشطة الثقافية. شهدت ورشة فنية للأطفال تدريب الفنانة شيرين محمد، وورشة حكي قدمت خلالها الأستاذة ثناء محمود، أخصائي المكتبة العامة، أمثالًا شعبية تراثية قيمة. كما تضمنت الفقرات إلقاء قصائد شعرية للشاعر وليد الضوي، مما أضاف بعدًا فنيًا مميزًا.
شهدت الفعاليات فقرة إنشاد ديني مؤثرة قدمتها فرقة قصر ثقافة حاجر العديسات. تلتها عروض فنية مبهرة قدمها عدد من الأطفال الموهوبين، عكست مواهبهم المتنوعة. اختتم اليوم بتكريم الأستاذ مصطفى عبد الله، عمدة مدينة الطود، بمنحه درع الهيئة وشهادة تقدير، وتكريم رئيس المجلس المحلي، بالإضافة إلى أبناء القرية المتميزين، في لفتة تقديرية لجهودهم.
حضر الفعاليات كوكبة من المسؤولين البارزين، منهم الدكتور بدوي مبروك، مدير عام الإدارة العامة لثقافة القرية، والأستاذ عبد الحليم سعيد، مدير عام المراجعة والحوكمة. كما تواجد العديد من مسؤولي الثقافة والتنفيذيين وأهالي القرية الكرام، مما عكس التفاعل المجتمعي الكبير مع هذه المبادرة الهامة.
تأتي هذه الفعاليات ضمن أنشطة الإدارة العامة لثقافة القرية، التابعة للإدارة المركزية للدراسات والبحوث برئاسة الدكتورة حنان موسى. جاء ذلك بالتعاون الوثيق مع إقليم جنوب الصعيد الثقافي، بإدارة الأستاذ محمود عبد الوهاب، وفرع ثقافة الأقصر برئاسة الأستاذ حسين النوبي. نفذت الأنشطة بنجاح من خلال قصر ثقافة حاجر العديسات، مؤكدة على التنسيق المؤسسي الفعال.