تحل اليوم ذكرى وفاة الفنان الكبير عزت أبو عوف، الذي ترك بصمة فنية عميقة في مصر والوطن العربي. جمع أبو عوف بين موهبته الموسيقية، ونجوميته في التمثيل، وخبرته الطبية، ورئاسته لمهرجان القاهرة السينمائي، مقدماً مسيرة فنية وإنسانية فريدة.
من الطب إلى الموسيقى: مسيرة فريدة
ولد الفنان محمد عزت أحمد شفيق أبو عوف في الحادي والعشرين من أغسطس عام 1948. نشأ عزت أبو عوف في بيئة فنية، حيث تعلم أصول الموسيقى من والده الفنان الراحل أحمد شفيق أبو عوف، الذي كان أحد عمداء معهد الموسيقى العربية. هذا التكوين المبكر ساهم في صقل موهبته الفنية المتعددة.
التحق أبو عوف بكلية الطب استجابة لرغبة والده، وتخرج في كلية الطب جامعة الأزهر. مارس مهنة الطب متخصصًا في أمراض النساء والتوليد لمدة خمسة عشر عامًا، مما يكشف عن جانب آخر من شخصيته المتنوعة قبل أن يتفرغ للفن بشكل كامل. بالإضافة إلى ذلك، درس الموسيقى الأكاديمية.
تخرج عزت أبو عوف في معهد الكونسرفتوار عام 1959، جنبًا إلى جنب مع زميله وصديقه المقرب الموسيقار الكبير عمر خيرت. هذا المسار التعليمي المزدوج منحه قاعدة قوية في كل من العلوم والفنون، مما ساهم في بناء شخصيته الفريدة وتقديره العميق للتفاصيل.
تأسيس الفرق الموسيقية وشهرة “الفور إم”
أسس عزت أبو عوف فرقة موسيقية بارزة حملت اسم “Les Petits chats”، شاركه فيها نخبة من الفنانين مثل عمر خيرت، وهاني شنودة، وعمر خورشيد. كان هدف الفرقة إعادة تقديم أشهر الأغاني الأجنبية بلحن عربي مميز، مما أحدث نقلة نوعية في المشهد الموسيقي المصري آنذاك.
كما قام عزت أبو عوف بتأسيس فرقة أخرى مع شقيقاته منى، ومها، ومنال، وميرفت، وأطلق عليها اسم “الفور إم”. حققت هذه الفرقة نجاحًا جماهيريًا واسعًا على المستوى المحلي، وقدمت العديد من الأغنيات التي ما زالت راسخة في الذاكرة الجمعية، لتصبح إحدى أشهر الفرق العائلية.
أيقونة التمثيل بأكثر من 200 عمل فني
بعد نجاحه الكبير في المجال الموسيقي، خطى عزت أبو عوف خطوة جديدة نحو عالم التمثيل عام 1992. كانت بدايته من خلال مشاركته في مسلسل “أيس كريم في جليم”، الذي فتح له أبواب السينما والتلفزيون على مصراعيها، ليكشف عن موهبة تمثيلية فذة.
توالت أعماله السينمائية والتلفزيونية بعد ذلك، متجاوزة مائتي عمل فني تنوعت بين السينما والإذاعة. كان آخر أعماله التلفزيونية مسلسل “ظل الرئيس” الذي عرض في عام 2017، وشاركه بطولته الفنان ياسر جلال، وحقق المسلسل نجاحاً كبيراً عند عرضه.
من أبرز أعماله السينمائية التي لا تُنسى “إشارة مرور”، و”بخيت وعديلة”، و”ليلة ساخنة”، و”أسرار البنات”، بالإضافة إلى “طيور الظلام” و”اضحك الصورة تطلع حلوة”. كما قدم أفلاماً مهمة مثل “بنات وسط البلد”، التي عكست تنوع أدواره وقدرته على تجسيد شخصيات مختلفة.
على صعيد الدراما التلفزيونية، تألق عزت أبو عوف في العديد من المسلسلات التي حققت شعبية واسعة. من أشهر أعماله في التلفزيون “زيزينيا”، و”هوانم جاردن سيتي”، و”أوبرا عايدة”، وكذلك مسلسلات “العمة نور” و”عباس الأبيض في اليوم الأسود”، والتي أثرت المكتبة الدرامية.
بالإضافة إلى مسيرته الفنية الحافلة، تمكن الفنان عزت أبو عوف من تولي رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لعدة سنوات. نجح خلال هذه الفترة في تقديم دورات مميزة من المهرجان، مما عزز مكانته كواحد من أهم الفعاليات السينمائية في العالم العربي والدولي.