مع قرب انتهاء كأس العالم للأندية بصيغتها الجديدة، كشفت دراسات حديثة عن مستويات متفاوتة للأندية والدوريات المشاركة. أظهر الأداء البرازيلي القوي، مع تأهل بالميراس وفلومينينسي لدور الثمانية، الحاجة لمقارنة قوة الدوريات عالميًا. كشفت دراسة “توينتي فيرست” عن تفاوت كبير في جودة الدوريات، مما يثير تساؤلات حول مدى قوة الدوريات بأكملها.
دراسة تكشف تفاوت جودة الدوريات العالمية
مع اقتراب نهاية مباريات كأس العالم للأندية بنسختها الموسعة التي جمعت أندية من جميع القارات، ظهرت دراسات جديدة تناقش مستوى الأندية المشاركة. الأداء اللافت الذي قدمته الأندية البرازيلية، بتأهل بالميراس وفلومينينسي إلى دور الثمانية، إلى جانب الهلال السعودي، دفع لمناقشة تطور وقوة الأندية والدوريات حول العالم. السؤال الأهم يدور حول مدى قدرة هذه الأندية على مقارعة كبار أوروبا.
وفقًا لدراسة أجرتها مؤسسة “توينتي فيرست”، وهي شركة ذكاء اصطناعي رياضية متخصصة في الاستشارات، ونشرتها صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، توجد حالة تفاوت ملحوظة في الجودة بين الدوريات المُمثلة في كأس العالم للأندية. هذا التفاوت لا يقتصر على الدوريات وحسب، بل يمتد ليشمل الأندية المكونة لكل دوري على حدة، مما يؤكد أن قوة الفرق الأفضل لا تعكس بالضرورة جودة الدوري بأكمله.
اعتمدت الدراسة على خوارزمية ذكاء اصطناعي آلية تولد تصنيفًا فريدًا لكل فريق في كرة القدم العالمية، مما يتيح حساب قوة الدوري من خلال متوسط تصنيف كل فريق داخله. طبقت المؤسسة هذه المنهجية على تسعة دوريات شاركت أنديتها في كأس العالم، لتكشف عن بيانات مهمة حول التنافسية والجودة. هذا التحليل يساعد في فهم أعمق لديناميكيات كرة القدم العالمية.
الدوريات التي خضعت للدراسة هي الإنجليزي والإسباني والإيطالي والألماني والفرنسي والبرازيلي والبرتغالي والأمريكي والسعودي، مما يغطي طيفًا واسعًا من أساليب اللعب والإنفاق. الدراسة وضحت التفاوت الكبير في نقاط القوة بين هذه الدوريات، والتي تتراوح أرقامها من 200 إلى 1000 نقطة، لكنها أكدت أن قوة الدوري لا تقتصر على قوة الأندية الأفضل فقط.
المقارنة بين الدوريات: البرازيلي والسعودي أنموذجًا
يُظهر الدوري البرازيلي الممتاز قوة تنافسية لافتة من الأعلى إلى الأسفل، رغم تصنيفه كسادس أقوى دوري عالميًا وفقًا لنقاطه التي بلغت 600 نقطة في الدراسة. على الرغم من أن ثلاثة فرق برازيلية شاركت في المونديال قد تبدو متباعدة نسبيًا في التصنيف، فإن تقارب نقاط باقي الأندية يؤكد حجم التنافسية العالية داخل الدوري، مما يجعله تجربة غنية بالمباريات القوية.
يتضح هذا بوضوح عند النظر إلى الانحراف المعياري لتصنيفات الفرق في كل دوري، حيث يشير هذا المصطلح الإحصائي إلى مدى تباين مجموعة من الأرقام. كلما زاد الانحراف المعياري، زاد تباين التصنيفات داخل الدوري المعني. الدوري الأمريكي جاء بأقل انحراف معياري وأعلى تنافسية إحصائيًا، مع تراكم الأندية في مسافات ضئيلة، ويعزى ذلك غالبًا لنظام سقف الرواتب المطبق في الولايات المتحدة.
على النقيض، يظهر الدوري السعودي بأعلى انحراف معياري بين جميع الأقسام التي تناولتها الدراسة، مما يشير إلى تفاوت كبير في مستويات الأندية. هذا التفاوت، وفقًا لنتائج الدراسة، يعود بشكل رئيسي إلى حجم الإنفاق الضخم الذي تقوم به أندية مثل الهلال، ثم الاتحاد، النصر، والأهلي، مقارنة بالإنفاق المتواضع لباقي الأندية المشاركة في المسابقة. هذا يخلق فجوة كبيرة في الجودة.
صرح أوريل ناظميو، كبير علماء البيانات في مجموعة “توينتي فيرست”، أن مؤسسته تصنف الدوري البرازيلي الدرجة الأولى كسادس أفضل دوري عالميًا، وهذا يفسر توقعهم بأن تكون الفرق البرازيلية الأربعة قادرة على المنافسة بقوة في البطولة. هذا التصنيف يلقي الضوء على قوة تنافسية داخلية حقيقية، لا تعتمد فقط على وجود فريقين أو ثلاثة من الطراز الرفيع.
يصنف ناظميو الدوري السعودي ضمن أفضل 50 دوريًا حول العالم، لكنه في الوقت نفسه يصنفه في المرتبة الخامسة من حيث عدم المساواة في الجودة. الهلال، الفريق السعودي الأقوى، يحتل التصنيف رقم 132 عالميًا، ويقع بين يونيون برلين الألماني ولاس بالماس الإسباني، بينما يصل الفارق بينه وبين أندية أخرى في الدوري السعودي إلى آلاف المراكز عالميًا.
تفاوت الجودة يطال الكرة الأوروبية أيضًا
يعود معيار عدم المساواة في الدوري السعودي إلى أسباب عدة، من أبرزها وجود فريق مثل العروبة في المركز 2405 عالميًا، على الرغم من إنهائه الموسم الماضي في المركز السابع عشر في الدوري السعودي. هذا الفارق الشاسع الذي يتجاوز 2150 مركزًا عالميًا بين ثاني ترتيب الدوري السعودي والمركز 17 يوضح مدى عدم الاتساق في جودة الأندية، مما يؤكد أن نجاح الهلال في المونديال لا يثبت ارتفاع جودة الدوري السعودي بأكمله.
كرة القدم الأوروبية ليست بمنأى عن هذا التفاوت في الجودة بين أنديتها، حيث تظهر هيمنة واضحة لبعض الأندية في دورياتها المحلية. على سبيل المثال، يهيمن باريس سان جيرمان على الدوري الفرنسي، في حين يسيطر الثلاثي البرتغالي بنفيكا وبورتو وسبورتنج لشبونة على دوري الدرجة الأولى البرتغالي. بايرن ميونخ أيضًا يمتلك هيمنة تاريخية على الدوري الألماني.
تبدو هذه الفروقات واضحة بشكل جلي في الرسوم البيانية التي تقدمها الدراسة، حيث يظهر الفارق الكبير بين باريس سان جيرمان في المقدمة وبقية أندية الدوري الفرنسي خلفه بمسافة. ومع ذلك، تبقى نقاط قوة الدوري الفرنسي بشكل عام متفوقة على الدوري الإيطالي، ومتقاربة مع ألمانيا وإسبانيا، مما يشير إلى أن التفاوت موجود ولكن على مستويات مختلفة من القوة الإجمالية.