نهاية حقبة.. روسيا تستعد لتفكيك حاملة طائراتها الوحيدة الأدميرال كوزنتسوف

تشير التطورات الاخيرة الى ان روسيا باتت على وشك اتخاذ قرار تاريخي يقضي باخراج حاملة الطائرات الوحيدة لديها، الادميرال كوزنتسوف، من الخدمة بشكل نهائي. ياتي هذا التحول الكبير بعد عقود من العمليات الشاقة ومحاولات الاصلاح المتكررة التي باءت معظمها بالفشل، وتركت السفينة غارقة في سلسلة من الاعطال الميكانيكية والحوادث المتتالية التي تسببت في ايقافها عن العمل لسنوات طويلة.

قرار وشيك بتقاعد حاملة الطائرات الوحيدة

في خطوة تعكس جدية الموقف، افادت صحيفة ازفستيا الروسية الرسمية نقلا عن مصادر مطلعة ان اعمال تحديث الحاملة التقليدية قد جرى تعليقها بالكامل. تدور نقاشات حاسمة حاليا بين قيادة البحرية الروسية وشركة بناء السفن المسؤولة عن صيانتها حول مستقبل هذه السفينة الضخمة، حيث يتجه النقاش نحو احالتها الى التقاعد وارسالها للتفكيك والتخريد. رغم ما تمثله الادميرال كوزنتسوف من رمز للفخر الوطني لدى بعض المسؤولين في موسكو، فان الواقع يشير الى ان السفينة لم تغادر حوضها الجاف منذ تموز عام الفين وثمانية عشر، مما يعزز المخاوف من انها اصبحت قطعة اثرية لا تفي بمتطلبات الحروب البحرية الحديثة، حتى لو تم استكمال اعمال تحديثها.

تاريخ حافل بالمشاكل والاعطال

تعود قصة حاملة الطائرات الادميرال كوزنتسوف الى العام الف وتسعمائة وتسعين عندما دشنت لاول مرة. منذ ذلك الحين، لطالما واجهت السفينة تحديات جمة. اعتمدت الحاملة في تشغيلها على وقود المازوت، الذي كان ينتج دخانا اسود كثيفا، مما يكشف موقعها بسهولة فائقة للاعداء المحتملين. لم يقتصر الامر على ذلك، بل كان مدى ابحارها محدودا للغاية، فلم يتجاوز خمسة واربعين يوما فقط. علاوة على ذلك، افتقرت السفينة الى مدرج اقلاع تقليدي، واعتمدت على منحدر انطلاق “سكاي جامب” غير المناسب للطائرات القتالية الروسية الحديثة، مما حد من قدراتها العملياتية بشكل كبير.

اقرأ أيضًا: أسرع من الشيطان .. دودج العضلية تتفوق على بوجاتي توربيون بفارق 1700 حصان

فشل جهود التحديث المتكررة

شهدت السفينة ايضا سلسلة من الحوادث الكارثية على مر السنين. ففي العام الفين وتسعة، اندلع حريق قاتل على متنها، تبعته حوادث اخرى خلال عملياتها في البحر الابيض المتوسط، ما اثار مخاوف جادة من غرقها اثناء عودتها الى روسيا. بدات اعمال التحديث الشاملة للحاملة في العام الفين وسبعة عشر، لكنها سرعان ما واجهت مشكلات متتالية، ابرزها سقوط رافعة ضخمة على سطح الطيران، ثم حريق اخر في العام الفين وتسعة عشر استغرق احتواؤه نحو اربع وعشرين ساعة، مما زاد الشكوك حول امكانية عودة الحاملة الى الخدمة على الاطلاق. كان من المقرر ان تنضم الادميرال كوزنتسوف الى الاسطول الروسي بحلول نهاية العام الفين واثنين وعشرين، لكن هذا الجدول الزمني تاخر مرارا وتكرارا.

تباين الاراء حول مستقبل القوة البحرية الروسية

يعتقد العديد من الخبراء العسكريين ان الادميرال كوزنتسوف قد تجاوزها الزمن. يرى الادميرال سيرغي افاكيانتس، القائد السابق لأسطول المحيط الهادئ الروسي، ان الحاملة تنتمي الى “عصر مختلف” ويصفها بانها “سلاح بحري مكلف وغير فعال”، مشددا على ان المستقبل يكمن في الانظمة الروبوتية والطائرات بدون طيار، واصفا قرار تقاعد الحاملة بانه “الخطوة الصحيحة تماما”. مع ذلك، لا تزال هناك اصوات قوية داخل روسيا تؤكد على الضرورة الاستراتيجية لحاملات الطائرات في مستقبل البحرية الروسية، خاصة لاساطيل الشمال والمحيط الهادئ. يدعو هؤلاء الى بناء حاملة جديدة قادرة على تشغيل كل من الطائرات الماهولة والدرونز معا. اوضح الباحث ايليا كرمنيك ان روسيا تمتلك الخبرة اللازمة لبناء سفينة جديدة بحجم مماثل، لكن السؤال الابرز يبقى حول كيفية تنفيذ ذلك في ظل العجز عن اتمام تحديث الادميرال كوزنتسوف التي شكلت عبئا ماليا ولوجستيا هائلا على ميزانية الدفاع الروسية.

اقرأ أيضًا: تصعيد خطير.. الأمم المتحدة تطالب بضبط النفس مع تزايد نذر التوتر في طرابلس الليبية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *