صدمة اقتصادية.. فرنسا المتعثرة بمدرسة اليورو تُجبر على تقشف قاسٍ

تواجه فرنسا تحديا ماليا هائلا مع سعي الحكومة الحثيث لاحتواء دينها العام المتصاعد وعجز الميزانية المتفاقم. تاتي هذه الجهود في ظل ضغوط متزايدة من الاتحاد الاوروبي الذي يطالب باريس باجراء اصلاحات جذرية لاستعادة الانضباط المالي. كشفت دراسة حديثة ان تخفيض الدين العام الفرنسي الى مستوى 110 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي سيتطلب خفضا ضخما في الانفاق العام وجهود اصلاحية اخرى لتوفير ما يصل الى 110 مليارات يورو.

تكلفة الاصلاحات المالية الباهظة

تلقي هذه الدراسة الضوء على حجم التضحيات المطلوبة. يشير المرصد الفرنسي للاوضاع الاقتصادية OFCE الى ان تنفيذ هذا المستوى من الخفض قد يدفع معدل البطالة نحو تسعة بالمئة. لذلك توصي المؤسسة الاقتصادية المستقلة بتبني خطة اكثر مرونة لا تتجاوز 80 مليار يورو من التوفير لتجنب الحاق اضرار جسيمة بالنمو الاقتصادي وفرص العمل في البلاد. ياتي هذا التحذير ليكرس الجدل حول التوازن بين الضرورة المالية والتداعيات الاجتماعية المحتملة.

فرنسا تحت المجهر الاوروبي

تشهد فرنسا حاليا مستويات غير مسبوقة من المديونية، حيث بلغ الدين العام 3345 مليار يورو، اي ما يعادل 114 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي. كما يتوقع ان يصل العجز في ميزانية عام 2024 الى 168 مليار يورو او ما يقارب 5.8 بالمئة من الناتج المحلي. ينظر الشركاء الاوروبيون الى باريس باعتبارها من الدول المتاخرة في تحقيق معايير الانضباط المالي. ورغم هذا الضغط، تعهدت الحكومة الفرنسية بتقديم خطة متوسطة المدى الى بروكسل بهدف اعادة التوازن الى ماليتها العامة. تستهدف هذه الخطة تخفيض العجز الى ثلاثة بالمئة بحلول عام 2029، على الرغم من توقعات بان يصل الدين العام الى ذروته عند 121 بالمئة من الناتج المحلي في العام ذاته.

اقرأ أيضًا: مفاجأة .. سيارات عائلية صينية 2026 بمليون ونصف جنيه في مصر

خطة بايرو التقشفية وموسم الميزانية العاصف

مع قرب حلول موسم مناقشة الميزانية، الذي ينتظر ان يكون حافلا بالصراعات، يستعد المفوض السامي للتخطيط، فرانسوا بايرو، للكشف عن خطة اصلاح كبرى للمالية العامة. تهدف هذه الخطة التي سيتم تقديمها يوم الثلاثاء الى خفض العجز الى 4.6 بالمئة بحلول عام 2025. في سياق متصل، اعلنت الحكومة بالفعل نيتها توفير 40 مليار يورو من النفقات بحلول عام 2026. تعد هذه الخطوة بادرة اولية ضمن خطة اوسع تهدف الى الامتثال لمعايير الاتحاد الاوروبي الصارمة.

ضغوط المفاوضات الاجتماعية

تكشف معلومات تم تسريبها الى الصحافة الفرنسية ان بايرو سيوجه دعوة الى الشركاء الاجتماعيين، وهم النقابات وارباب العمل، لاجراء مفاوضتين متوازيتين. تركز المفاوضة الاولى على اصلاح نظام التامين ضد البطالة، بينما ستكون الثانية متعددة المحاور وتركز على سوق العمل والتوظيف بشكل عام. يمكن ان تفتح هذه الدعوة، ان لقيت قبولا، الباب امام فصل اجتماعي محفوف بالتوترات، خصوصا في ظل الضغوط لخفض النفقات دون المساس بالقدرة الشرائية للفرنسيين او بمرونة سوق العمل.

المهمة المزدوجة: تقليص الدين وحماية الاقتصاد

تقف الحكومة الفرنسية امام امتحان دقيق يجمع بين مطرقة الالتزامات الاوروبية وسندان التوازنات الداخلية. يبقى السؤال معلقا: هل ستنجح باريس في تقليص العجز والدين العام دون التسبب بانتكاسة اقتصادية؟ ام ان الكلفة السياسية والاجتماعية لهذه الاصلاحات ستتجاوز قدرة الدولة على الاحتمال؟ الايام المقبلة وحدها كفيلة بالكشف عن المسار الذي ستسلكه فرنسا في ظل اصعب ازمة مالية تواجهها منذ سنوات.

اقرأ أيضًا: قرار مفاجئ.. منع شيرين من دخول “عين الحلوة” لتسجيل ديو فضل شاكر

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *