حذّر الدكتور محمد عبد الله، أستاذ فلسفة الموسيقى بجامعة حلوان، من تزايد استخدام لقب “ناقد موسيقي” من قِبَل غير المتخصصين. أكد عبد الله أن هذا السلوك يضر بالمشهد الثقافي ويُفرغ النقد من جوهره الأكاديمي والعلمي، مشددًا على أن الموسيقى علمٌ يتطلب التخصص والتحصيل المعرفي لتقييمها بشكل صحيح.
لماذا النقد الموسيقي تخصص؟
أوضح الدكتور محمد عبد الله أن الموسيقى ليست مجرد ترف أو ذوق فردي، بل هي علم راسخ يقوم على قواعد نظرية وأسس فلسفية تدرّس في الكليات والمعاهد المتخصصة. تتطلب هذه الدراسة سنوات من التحصيل المنهجي والممارسة العملية المكثفة لاكتساب الخبرة اللازمة.
أشار عبد الله إلى أن النقد الموسيقي يعد فرعًا معرفيًا دقيقًا لا يمكن ممارسته إلا لمن تلقى تأهيلاً أكاديميًا وعلميًا عميقًا. هذا التأهيل يمكن صاحبه من تقييم الأعمال الفنية وفق معايير علمية دقيقة ومنهجية، بعيدًا عن الانطباعات الشخصية أو الآراء العابرة.
عبر الدكتور محمد عبد الله عن دهشته من انتشار لقب “ناقد موسيقي” بين أفراد لم يدرسوا الموسيقى، ولم يتلقوا أي تكوين أكاديمي متخصص في هذا المجال. هؤلاء يكتفون بكتابة مقالات رأي تنشر على مواقع إلكترونية أو في صحف، ثم يذيّلون أسماءهم بهذا اللقب دون سند علمي أو خبرة معترف بها.
أكد عبد الله أن هذا التصرف يُعد تضليلاً للرأي العام، كما أنه يشوش على الذوق المجتمعي العام ويساهم في خلط المفاهيم الفنية. إنه يعد أيضًا انتحالاً لصفة مهنية تتطلب دراسة متخصصة ومؤهلات أكاديمية محددة.
مسؤولية الإعلام في النقد الفني
شدد الدكتور محمد عبد الله على أن إطلاق الألقاب المهنية يجب أن يكون مرهونًا بالتأهيل العلمي والخبرة العملية في المجال. أكد أن هذا المبدأ ينطبق على النقد الموسيقي شأنه في ذلك شأن باقي التخصصات الدقيقة الأخرى كالقانون والهندسة والطب، التي تتطلب جميعها شهادات معتمدة ومسارًا تعليميًا محددًا.
أكد عبد الله أن وسائل الإعلام والمنصات الفنية تقع عليها مسؤولية كبيرة في تحري الدقة والصدق عند تقديم من يزعمون أنهم نقاد موسيقيون. من الضروري التأكد من الخلفية العلمية والأكاديمية لهؤلاء الأشخاص قبل منحهم منابر للتأثير في الرأي العام وتوجيه الذوق الفني للمجتمع.
حماية الذوق العام من الدخلاء
اختتم الدكتور محمد عبد الله حديثه بالتأكيد على أن “الموسيقى علم بحد ذاته، وأن النقد الموسيقي وظيفة معرفية دقيقة لا تمارس بالهواية أو الانطباع الشخصي”. تتطلب ممارسة النقد الموسيقي الدراسة الأكاديمية العميقة والتكوين العلمي المتخصص على مدار سنوات.
حذّر عبد الله من أن التهاون في استخدام لقب “ناقد موسيقي” دون ضوابط أو أسس علمية يؤدي إلى إرباك المشهد الثقافي العام. كما يهدد هذا التهاون قيمة التخصص ويقوض الجهد العلمي الكبير الذي يبذله الأكاديميون والباحثون الحقيقيون في هذا المجال الفني المهم.