نجحت جهود حكومية في كبح جماح ارتفاع أسعار الأسمنت بمصر، بعد تدخل عاجل لمعالجة ممارسات احتكارية من قبل بعض الشركات المصنعة. أثمرت هذه الإجراءات عن تراجع ملحوظ في الأسعار وتثبيت أسعار الحديد، مما يعزز استقرار سوق مواد البناء ويدعم المشروعات التنموية الكبرى في البلاد.
لماذا ارتفعت أسعار الأسمنت؟ وكيف تدخلت الحكومة؟
كشف الزيني، خلال برنامج “صناع العاصمة”، أن الزيادات الأخيرة في أسعار الأسمنت نجمت عن ممارسات بعض الشركات التي عمدت إلى خفض إنتاجها بشكل متعمد. فقد أوقفت هذه الشركات نحو تسعة خطوط إنتاج دون وجود مبررات فنية واضحة، بهدف تحقيق أقصى الأرباح على حساب المستهلك المصري الذي تحمل العبء.
أسهم تدخل الفريق كامل الوزير، وزير الصناعة، في معالجة هذه الأزمة، حيث عقد اجتماعات مكثفة مع الشركات المنتجة لمواد البناء. أسفرت هذه الاجتماعات عن قرارات حاسمة تهدف إلى استعادة استقرار السوق وضمان توافر المنتج بأسعار عادلة للمواطنين والمشروعات.
تضمنت القرارات الحكومية إلزام الشركات بإعادة تشغيل خطوط الإنتاج المعطلة خلال مهلة زمنية تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر كحد أقصى. وجاء هذا القرار مصحوبًا بتهديد صريح بسحب رخص التشغيل في حال عدم التزام الشركات بهذه المهلة، مما يعكس جدية الحكومة في فرض انضباط السوق.
فرضت الحكومة أيضًا سقفًا محددًا لتصدير الأسمنت لا يتجاوز 30% من إجمالي الإنتاج، مع إعطاء الأولوية القصوى لتلبية احتياجات السوق المحلي أولًا. يهدف هذا الإجراء إلى ضمان توافر كميات كافية من الأسمنت داخل البلاد قبل التفكير في التصدير، مما يساهم في ضبط الأسعار وتوازن العرض والطلب.
أرقام: تراجع كبير في أسعار الأسمنت واستقرار الحديد
أدت هذه الإجراءات الحكومية الفورية إلى تراجع كبير وملموس في أسعار الأسمنت بالأسواق المصرية. انخفض سعر طن الأسمنت السائب من 5400 جنيه مصري إلى ما بين 3900 و 4000 جنيه، محققًا بذلك انخفاضًا بنسبة كبيرة يستفيد منه المستهلكون مباشرة.
وفي السياق ذاته، تراجع سعر طن الأسمنت المعبأ ليصل إلى حوالي 3900 إلى 4000 جنيه مصري، بعد أن كان سعره قد بلغ 4500 جنيه. يعكس هذا الانخفاض نجاح التدخلات الحكومية في تصحيح مسار الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين والمطورين العقاريين.
ظلت أسعار الحديد في السوق المصري مستقرة بشكل ملحوظ لما يقرب من عام كامل، على الرغم من أن البلاد تستورد حوالي 90% من خامات الحديد اللازمة للصناعة. يتراوح سعر طن الحديد تسليم أرض المصنع بين 32 ألف جنيه و 38.200 جنيه، مما يوفر استقرارًا نسبيًا في تكاليف الإنشاءات.
يصل سعر طن الحديد إلى المستهلك بحد أقصى 39.5 ألف جنيه، وهو ما يظهر هامش ربح معقول وتوازن بين تكاليف الإنتاج وأسعار البيع النهائية. هذا الاستقرار في أسعار الحديد يمثل عنصرًا أساسيًا في دعم القطاع العقاري والصناعات التحويلية التي تعتمد على هذا المعدن الحيوي.
استقرار السوق وحماية المستهلك: مكاسب التدخل الحكومي
عززت هذه الإجراءات الحكومية الفعالة استقرار السوق المصري وحمت المستهلكين من أي تلاعب محتمل بالأسعار. أثبتت هذه التدخلات قدرة الدولة على ضبط إيقاع السوق ومنع الممارسات الاحتكارية التي تضر بالاقتصاد الوطني والمواطنين.
يؤكد المسؤولون على أن التزام الشركات المصنعة بالقرارات الحكومية الجديدة سيضمن استمرار انخفاض الأسعار وتوفير مواد البناء بأسعار عادلة ومنطقية. يدعم هذا الاستقرار في الأسعار كافة المشروعات التنموية الكبرى التي تنفذها الدولة، ويسهم في تسريع وتيرة العمل بها بتكاليف معقولة.