قلص صندوق الثروة السيادي الصيني (CIC) استثماراته في الأصول الأمريكية، بما فيها شركات كبرى بوول ستريت، في خطوة استراتيجية لتقليل المخاطر المالية. يأتي هذا التحول استجابة للتوترات المتصاعدة بين الصين والولايات المتحدة، وقيود واشنطن المتزايدة على الاستثمارات الأجنبية بقطاعات حيوية، مما يشير إلى تحول اقتصادي عالمي مهم.
أسباب تحول الاستثمار الصيني
يأتي قرار الصندوق السيادي الصيني بسحب جزء من استثماراته من السوق الأمريكية مدفوعًا بعدة عوامل رئيسية. فالحرب التجارية المتصاعدة بين أكبر اقتصادين في العالم قد فرضت رسومًا جمركية متبادلة على العديد من المنتجات، مما زاد من حالة عدم اليقين في الأسواق المالية العالمية. كما أن القيود التنظيمية التي فرضتها واشنطن على الاستثمارات الأجنبية في قطاعات استراتيجية حساسة مثل التكنولوجيا والبنية التحتية، جعلت استمرار الصندوق في ضخ الأموال هناك أكثر صعوبة وأقل جدوى.
استراتيجية “الدوران المزدوج”
كشفت تقارير إعلامية أن الصندوق الصيني، الذي تبلغ قيمته الضخمة 1.35 تريليون دولار، يتبع استراتيجية داخلية تُعرف باسم “الدوران المزدوج”. تهدف هذه الاستراتيجية الطموحة إلى تعزيز الاعتماد على السوق المحلية وتقوية الاقتصاد الداخلي للصين، مع تقليل التبعية للأسواق الخارجية تدريجيًا. يدفع هذا التوجه الصندوق السيادي لإعادة توجيه استثماراته نحو مناطق جغرافية أخرى وأصول تحقق الأهداف الاقتصادية الوطنية الجديدة، بعيدًا عن المخاطر الجيوسياسية.
التحديات المستقبلية والآفاق
يواجه صندوق الاستثمار الصيني تحديات كبيرة في إيجاد أسواق بديلة تستطيع تحقيق نفس مستويات العوائد المالية التي اعتاد عليها من استثماراته في وول ستريت. بالإضافة إلى ذلك، يقع الصندوق تحت ضغط متواصل لتوليد أرباح كبيرة تُمكّنه من سداد فوائد السندات الحكومية التي اعتمد عليها في تمويله الأصلي. وفي خطوة موازية، تعمل الولايات المتحدة على وضع قائمة “مستثمرين مفضلين” قد تُستثنى منها الشركات الصينية، ما يزيد من تعقيد موقف الصندوق ويضعه أمام عقبات تنظيمية إضافية في السوق الأمريكية. هذا الانسحاب الهادئ يمثل انعكاسًا واضحًا لتزايد المخاطر المرتبطة بفك الارتباط المالي بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم.