نقطة تحول.. ألمانيا تعيد رسم دورها الاستراتيجي من التابع إلى اللاعب النووي

تفيد تقارير استخباراتية حصرية بان المانيا تمتلك القدرة التقنية و المواد النووية و المعرفة الفنية التي تمكنها من تطوير سلاح نووي. هذا التقييم الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية يضع برلين في قلب نقاش متزايد حول الامن الاوروبي و مستقبل الردع النووي في القارة. ياتي الكشف في خضم تحولات جيوسياسية عميقة و تزايد دعوات المسؤولين الالمان و الاوروبيين لتعزيز القدرات الدفاعية الذاتية في ظل تراجع الثقة بالالتزامات الامريكية.

تقييم دولي وواقع القدرات الالمانية

بشكل اكثر تفصيلا، اوضح رافائيل غروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في حوار صحفي، ان البنية التحتية النووية في المانيا متطورة جدا. تشمل هذه البنية مفاعلات بحثية و مراكز لتخصيب اليورانيوم مثل منشاة جونشينغن، التي يمكن انتاج مواد قابلة للاستخدام العسكري منها نظريا خلال اشهر قليلة. و رغم هذا التقييم الصريح، شدد غروسي على ان هذه التصريحات تظل مجرد افتراضات نظرية بحتة، مؤكدا في الوقت ذاته التزام برلين الراسخ بمعاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية.

المانيا و اتفاقية المشاركة النووية

على الرغم من عدم امتلاكها لاسلحة نووية خاصة بها، تستثمر المانيا بكثافة في تحديث قدراتها العسكرية. جاء ذلك ضمن اتفاقية المشاركة النووية مع الولايات المتحدة الامريكية، و التي تتيح لالمانيا تخزين قنابل نووية امريكية من طراز بي61 على اراضيها. هذا التعاون لا يقتصر على التخزين فقط، بل يتعداه الى تدريب القوات الجوية الالمانية على استخدام هذه القنابل، عبر صفقة شراء خمس و ثلاثين مقاتلة من طراز اف-35 اي امريكية. اثارت هذه الخطوة جدلا واسعا و انتقادات حادة، حيث يرى بعض الخبراء انها قد تمنح دولا غير نووية القدرة الفعلية على استخدام اسلحة نووية في زمن الحرب، مما يقوض جوهر معاهدة عدم الانتشار.

اقرأ أيضًا: تحديث ضخم.. مايكروسوفت تعالج 137 عيبًا وثغرة أمنية في تحديث ويندوز يوليو 2025

دعوات المانية لتعزيز الردع النووي الاوروبي

في ظل تزايد حدة التوترات الامنية في القارة الاوروبية، اعرب عدد من كبار المسؤولين الالمان عن قلقهم البالغ. جاء قلقهم من ان المشاركة النووية الحالية مع الولايات المتحدة الامريكية لم تعد كافية لضمان امن البلاد بشكل كامل. و عليه، طالب هؤلاء المسؤولون بضرورة ابرام اتفاقات مشاركة نووية اوسع مع دول اوروبية اخرى، مثل بريطانيا او فرنسا، او حتى تطوير مظلة نووية اوروبية مستقلة بالكامل تخدم مصالح القارة.

رؤى اوروبية لمظلة نووية مستقلة

برزت اصوات بارزة اخرى في سياق النقاش المستمر حول الامن الاوروبي، من بينها نائبة رئيس البرلمان الاوروبي، كاتارينا بارلي. دعت بارلي بشكل صريح الى امتلاك الاتحاد الاوروبي لقدرات نووية خاصة به، معتبرة ان ‘القنبلة الاوروبية’ قد تمثل خطوة محورية نحو تاسيس جيش اوروبي موحد و قوي. تاتي هذه الدعوة خصوصا في ظل التقلبات المستمرة في تصريحات الرئيس الامريكي دونالد ترامب، التي قد تقلص من الاعتماد على المظلة النووية الامريكية. و في تطور لافت، كشفت تقارير في فبراير الفين و خمسة و عشرين ان فرنسا تدرس امكانية نشر مقاتلات رافال القادرة على حمل قنابل نووية في الاراضي الالمانية، في مؤشر على تراجع الثقة بالالتزام الامريكي تجاه امن اوروبا. هذا السيناريو يفتح الباب واسعا امام احتمال تطوير رادع نووي اوروبي مشترك بمشاركة المانية مباشرة، مما يعكس تحولات استراتيجية عميقة في السياسة الدفاعية للقارة.

الناتو و اعادة تقييم دوره النووي

على مستوى اعم و اشمل، اعلن الامين العام لحلف الناتو، مارك روته، في يونيو الفين و اربعة و عشرين ان الحلف يجري محادثات مكثفة بشان زيادة عدد الاسلحة النووية الامريكية المتاحة للمشاركة النووية في اوروبا. كما تتناول المحادثات زيادة عدد الطائرات المخصصة لمهام الناتو النووية. يعكس هذا التوجه تصاعدا ملحوظا في اهمية الاسلحة النووية ضمن التفكير الاستراتيجي الاوروبي، لا سيما بعد اندلاع الحرب في اوكرانيا في فبراير الفين و اثنين و عشرين، و التي غيرت الكثير من المعادلات الامنية في المنطقة.

اقرأ أيضًا: وصول.. سيارات 2025 الجديدة من تويوتا وسيات بالسوق المصري

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *