رؤية استراتيجية .. نشوى الحوفي: ترامب يعيد تشكيل النظام العالمي بضغط اقتصادي وسياسي غير مسبوق

الإعلامية نشوى الحوفي تحلل نهج ترامب التصاعدي في فرض الهيمنة الأمريكية عبر الابتزاز السياسي والاقتصادي على أوروبا والعالم، مقارنةً إياه بأزمة الرهائن الإيرانية عام 1979. تكشف الحوفي كيف تُستخدم الأزمات الدولية لتقويض استقلال أوروبا الاقتصادي والسياسي. تتساءل الإعلامية عن قدرة أوروبا على استعادة قرارها السيادي في ظل التحديات الراهنة.

أفادت الإعلامية نشوى الحوفي بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتبنى استراتيجية تصاعدية لفرض النفوذ الأمريكي على الساحتين الأوروبية والعالمية. تستخدم هذه الاستراتيجية الابتزاز السياسي والعسكري والاقتصادي كأدوات رئيسية. أكدت الحوفي أن السياسات الحالية تمثل إعادة إنتاج لسيناريوهات تاريخية مشابهة، مثل أزمة الرهائن الأمريكية التي وقعت في طهران عام 1979.

خلفيات تاريخية: أزمة الرهائن وتحجيم أوروبا

في تحليل مفصل ببرنامجها “روزنامة”، أوضحت الحوفي أن أحداث السفارة الأمريكية في طهران بتاريخ 4 نوفمبر 1979، حيث احتُجز 66 رهينة أمريكية، لم تكن مجرد حادثة عابرة. بل زعمت أنها شكلت جزءًا من خطة دولية محكمة، أعدتها الإدارة الأمريكية بالتعاون مع أطراف إيرانية. استُغلت هذه الأزمة بعد ذلك لتبرير فرض عقوبات قاسية على إيران، وتجميد أصولها المالية، مع التلويح بخطر اندلاع حرب عالمية ثالثة، ما أثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي وزاد من أسعار النفط، وفرض ضغوطًا اقتصادية وسياسية على الدول الأوروبية.

اقرأ أيضًا: ارتفاع أسعار الفول والزيت واللحوم في الأسواق اليوم 24 مايو 2025 وفق مصادر رسمية

بالتوازي، أكدت الإعلامية أن الولايات المتحدة وظفت صناعة السينما، وتحديدًا فيلم “آرغو” (ARGO)، لترسيخ رواية بطولة أمريكية وإنقاذ الرهائن. لكنها ترى أن الهدف الحقيقي كان مرتبطًا بتحجيم المشروع النقدي الأوروبي الناشئ. كان هذا المشروع يهدف إلى أن يصبح بديلًا للمؤسسات المالية العالمية الكبرى، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، كمركز رئيسي للمعاملات المالية الدولية، ما يمنح أوروبا استقلالًا ماليًا أكبر.

ترى الحوفي أن أوروبا ظلت دائمًا هدفًا لمخططات أمريكية يقودها ما وصفتهم بـ”نخب يهودية”، مثل زبيغنيو بريجنسكي وبرنارد لويس. هؤلاء لم ينسوا “نبذ أوروبا لليهود” – حسب تعبيرها – وهو ما ترجم لاحقًا إلى مساعٍ حثيثة لإضعاف القارة الأوروبية على الصعيدين السياسي والاقتصادي. تهدف هذه المخططات إلى إبقاء أوروبا في حالة تبعية مستمرة للولايات المتحدة الأمريكية، بما يخدم المصالح الأمريكية العليا.

“أمريكا أولًا”: استراتيجية الابتزاز تجاه الحلفاء

ربطت الحوفي السياسات الأمريكية الحالية بتلك التي حدثت في الماضي، مشيرة إلى أن شعار الرئيس ترامب “أمريكا أولًا” ليس مجرد حملة انتخابية. لقد تحول هذا الشعار إلى أداة ابتزاز مباشرة ضد الحلفاء الأوروبيين. تضمنت هذه الضغوط فرض زيادات إلزامية في الإنفاق العسكري، والتهديد بسحب أكثر من 100 ألف جندي أمريكي متمركزين في أوروبا، بالإضافة إلى فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 25% على الواردات الأوروبية، ما يزيد من الأعباء الاقتصادية على القارة.

اقرأ أيضًا: الفراخ طارت.. صدمة أسعار الدواجن اليوم السبت بالأسواق المصرية وفقًا لبيان رسمي

يتجاوز موقف ترامب بشأن الصراع في أوكرانيا المصالح الأوروبية المباشرة. فهو يتفاوض بشكل منفرد مع روسيا ويُعلن عن خطط تسوية محتملة دون أي مشاركة أوروبية. أثار هذا النهج قلقًا كبيرًا في عواصم أوروبية رئيسية مثل برلين وباريس، حيث تشعر الدول الأوروبية بأن مصالحها يتم تهميشها. وفي هذا السياق، تسعى أوروبا لتعزيز استقلالها الدفاعي من خلال مبادرات جديدة، منها مشروع “درع السماء الأوروبي” الذي تقوده ألمانيا، بهدف بناء قدرات دفاعية ذاتية.

مستقبل أوروبا: هل تستعيد القارة قرارها السيادي؟

اختتمت الحوفي تحليلها بتساؤل مصيري حول قدرة القارة الأوروبية على استعادة قرارها السيادي الحقيقي ومواجهة الهيمنة الأمريكية المتزايدة. ترى أن مستقبل أوروبا، التي وصفتها بالقارة العجوز، يعتمد بشكل مباشر على اتخاذ قرارات حاسمة وسريعة. وحذرت من أن أي تأخير قد يؤدي إلى فوضى واسعة النطاق، أو إلى سيطرة اليمين المتطرف على المشهد السياسي الأوروبي، ما يهدد استقرار المنطقة برمتها.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *