من داخل «إف بي آي».. قيادات عليا تخضع لـ«اختبار ولاء» حاسم

@
كشفت مصادر مطلعة وتقارير صحفية متعددة عن اجراء مكتب التحقيقات الفيدرالي الاف بي اي اختبارات ولاء غير مسبوقة لكبار مسؤوليه. هذه الاختبارات، التي جرت بعيدا عن الاضواء، لا تهدف الى كشف قضايا خيانة او تسريب اسرار وطنية كما هو المعتاد، بل تركز بشكل مباشر على الولاء الشخصي لمدير الجهاز الحالي كاش باتيل. هذا التحول اثار قلقا بالغا داخل اوساط المكتب وخارجه، خاصة مع ما تردد عن اسئلة مباشرة حول ما اذا كان المسؤولون قد عبروا عن اي راي سلبي تجاه المدير.

تحول جذري في اختبارات الولاء

اشارت تقارير، من ضمنها تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، الى ان الاختبارات المطبقة حاليا على كبار موظفي الاف بي اي تمثل خروجا واضحا عن نطاقها التقليدي. فبدلا من التركيز على قضايا امنية حساسة تخص الدولة، باتت الاستجوابات تتطرق الى مدى انتقاد المسؤولين للمدير باتيل شخصيا. منذ تولي باتيل منصبه، شهد المكتب تصاعدا ملحوظا في وتيرة اختبارات كشف الكذب، حيث خضع العشرات من كبار الموظفين لجلسات استجواب، كان محورها احيانا مدى انتقادهم للادارة او تسريبهم لمعلومات غير مرغوبة لوسائل الاعلام. هذا الاسلوب غير المعتاد يثير تساؤلات جدية حول اولويات الادارة الجديدة للمكتب.

تصاعد الاختبارات وتداعياتها

لم تقتصر هذه الممارسات على الاستفسارات العامة، بل شملت حالات محددة اثارت جدلا واسعا. في احدى الوقائع، اجبر مسؤولون رفيعو المستوى على الخضوع للاختبار لتحديد مصدر تسريب خبر يتعلق بطلب باتيل سلاحا، وهو امر غير مالوف بالنظر الى انه ليس من عملاء الميدان. هذا التصعيد يندرج ضمن حملة اوسع تهدف الى قمع تسريبات الاخبار، ما يعكس حساسية المدير باتيل الشديدة تجاه صورته العامة. مسؤولون سابقون وصفوا هذه الاجراءات بانها ذات طابع سياسي بحت وغير مناسبة لمؤسسة بحجم الاف بي اي، اذ يرون انها محاولة لفرض الولاء الشخصي داخل جهاز من المفترض ان يكون ولاؤه المطلق للدستور، لا الافراد. وفي هذا السياق، اكد جيمس ديفيدسون، عميل سابق امضى اكثر من عقدين في المكتب، ان ولاء موظف الاف بي اي يجب ان يكون للدستور وحده، وليس للمدير او نائبه. وقد رفض مكتب التحقيقات الفيدرالي التعليق على هذه التقارير، مكتفيا بالاشارة الى انها شؤون داخلية تخص الموظفين.

اقرأ أيضًا: تحذير .. التجارة العالمية تقف عند مفترق طرق حاسم وفق معلومات الوزراء

هيكلة قيادية جديدة وواسعة

بالتزامن مع تشديد قبضة الادارة الجديدة، شهد المكتب موجة غير مسبوقة من الاقالات والتقاعد والنقل لموظفين بارزين. تشير تقديرات الى ان نحو اربعين بالمئة من مكاتب الميدان فقدت مديريها الكبار منذ بداية ولاية باتيل، سواء كان ذلك نتيجة ضغوط سياسية او مخاوف من الانتقام بسبب تحقيقات لم تلق قبولا لدى البعض. هذه التغييرات الجذرية ادت الى صعود وجوه جديدة الى مناصب قيادية، بعضها يفتقر الى الخبرة الطويلة في العمل الامني الفيدرالي، ما يثير مخاوف حول مستقبل الكفاءات داخل المكتب.

اجواء من الشك والخوف تسيطر على المكتب

ادت هذه الاجراءات المتتالية الى خلق اجواء من الشك وعدم الثقة بين الموظفين. كثيرون راوا زملاءهم يطردون او ينقلون قسرا بعد اخضاعهم لاختبارات كشف الكذب، ما عزز الشعور بوجود “شبكة مخبرين” داخل جدران المكتب. وصف مسؤولون حاليون وسابقون هذه الاساليب بانها انتقامية ومتطرفة، وانها تغذي ثقافة الخوف والرقابة الذاتية بين الموظفين. في احدى الحالات، تلقى مايكل فاينبرغ، وهو عميل بارز في مكتب نورفولك، تهديدا بالخضوع لاختبار كشف الكذب بسبب صداقته مع بيتر سترزوك، المسؤول السابق الذي طرد من المكتب بعد انتقاده السابق للادارة. وكتب فاينبرغ حينها ان بقائه في منصبه كان مشروطا “بالركوع، وطلب المغفرة، وتعهد الولاء”، في ظل ما وصفه بـ “ثورة ثقافية” يقودها باتيل ونائبه دان بونجينو.

حساسية المدير تجاه صورته العامة

منذ دخوله الى عالم العمل الحكومي، اظهر باتيل حساسية مفرطة تجاه صورته العامة، حيث سبق له ان رفع دعاوى قضائية ضد منتقديه او من قاموا بتصويره بشكل سلبي. كان اخر هذه الدعاوى ضد مسؤول سابق في المكتب ومعلق في احدى الشبكات الاعلامية، طالبا تعويضا ماليا بتهمة التشهير، كما انه رفع دعاوى سابقة ضد وسائل اعلامية كبرى قبل ان يسحب بعضها لاحقا. يختتم مسؤولون سابقون تاكيدهم بان مجرد طرح سؤال من هذا النوع في اختبار كشف الكذب يعد امرا غريبا وغير مسبوق في تاريخ المكتب. ويشيرون الى ان النقد البناء للرؤساء كان دائما جزءا اصيلا من ثقافة العمل، دون ان يؤدي ذلك ابدا الى اجراءات انتقامية او اختبارات ولاء شخصية بهذا الشكل المقلق.

اقرأ أيضًا: صفقة كبرى.. OpenAI تبرم اتفاقاً تاريخياً مع أوراكل بقيمة 30 مليار دولار

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *