خطر يهدد.. محمد المهدي يكشف: الموبايل يسرق أبناءنا ويسبب الإدمان وطرق مواجهته الفعالة

حذر الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، من الآثار النفسية والاجتماعية الخطيرة للإفراط في استخدام الهواتف الذكية بين الأطفال والمراهقين. أكد المهدي أن هذه الأجهزة تلتهم الوقت والعلاقات وتُضعف التواصل الأسري، مشددًا على أن إدمانها تحول إلى أزمة بيولوجية تتطلب حلولًا عاجلة لحماية الأجيال الناشئة.

الهواتف الذكية: خطر يهدد الروابط الأسرية

خلال مشاركته في برنامج “راحة نفسية” على قناة الناس، أوضح الدكتور المهدي أن الانعزال الذي يعيشه الأبناء داخل غرفهم، وقضاء ساعات طويلة في التفاعل مع الهواتف والإنترنت، يمثل أزمة حقيقية تعاني منها غالبية الأسر حاليًا. أشار إلى أن كل فرد أصبح يعيش في عالمه الخاص، مما أدى إلى تراجع لحظات الترابط العائلي لصالح الشاشات التي تستنزف العقول والقلوب.

أكد المهدي أنه لم يخترع الإنسان جهازًا ذا تأثير عميق ومدمر على العلاقات الإنسانية مثل الهاتف الذكي. فالجهاز قد سرق الأفراد من بعضهم البعض، حتى في الأماكن العامة حيث يلاحظ أن الجميع ينشغلون بهواتفهم مطأطئي الرؤوس أمام شاشاتهم، مما يعكس مستوى الانفصال الاجتماعي الناتج عن هذا الاستخدام المفرط.

اقرأ أيضًا: عاجل.. تسريب 184 مليون كلمة مرور من “آبل” و”فيسبوك” وغيرها من المنصات البارزة

إدمان الشاشات: حقيقة بيولوجية وتأثيرات نفسية

أوضح الدكتور المهدي أن إدمان الأجهزة الذكية ليس مجرد تعبير مجازي، بل هو إدمان بيولوجي حقيقي. يعتمد هذا الإدمان على إفراز الدوبامين في الدماغ، وهي مادة كيميائية تسبب الشعور بالمتعة، وذلك نتيجة للتفاعل المستمر مع المحتوى المتغير والألوان الجذابة والمثيرات المتنوعة على الشاشات، مما يحفز الدماغ على طلب المزيد من هذا التحفيز.

أكدت الدراسات العلمية الحديثة أن زيادة الوقت الذي يقضيه الأطفال والمراهقون أمام الشاشات يرتبط ارتباطًا مباشرًا بزيادة احتمالية إصابتهم بالاكتئاب. كما يؤدي هذا الاستخدام المفرط إلى ضعف كبير في مهاراتهم الاجتماعية وقدرتهم على التفاعل الواقعي مع الآخرين، مما يؤثر سلبًا على نموهم النفسي وتطورهم السلوكي بشكل عام.

في بعض الحالات المتقدمة، تضطر الأسر للجوء إلى العيادات النفسية المتخصصة بسبب فقدان السيطرة التام على أبنائهم المدمنين للهواتف الذكية. أصبح فصل الطفل عن جهازه بمثابة انتزاع جزء من كيانه، مما يعكس مدى التعلق الشديد الذي وصل إليه بعض الأبناء بهذه الأجهزة، ويهدد استقرار الأسرة ككل.

اقرأ أيضًا: الغاز يكفينا.. خبير اقتصادي يكشف: مصر قادرة على اكتفاء ذاتي كامل من الغاز.. لكن العائق الوحيد هو البنية التحتية

حلول وتوصيات للسيطرة على الاستخدام المفرط

شدد الدكتور المهدي على أن بداية الحل تكمن في القدوة الحسنة من قبل الوالدين. فلا يمكن للأب أو الأم مطالبة أبنائهما بترك الهواتف الذكية بينما هما أنفسهما يستغرقان فيها لساعات طويلة. فالأطفال يكتسبون السلوكيات والطباع من خلال الملاحظة والتقليد أكثر مما يتعلمونه من مجرد الأقوال والتوجيهات اللفظية.

دعا المهدي إلى ضرورة وضع قواعد واضحة وصارمة تنظم استخدام الأجهزة الذكية داخل المنزل. واقترح أن يقتصر استخدامها في أيام الدراسة على ساعة واحدة فقط يوميًا، مع إمكانية زيادة المدة قليلًا في عطلات نهاية الأسبوع. وحذر من أن السماح بالاستخدام دون ضوابط سيؤدي حتمًا إلى حالات إدمان حقيقي تستنزف طاقة الأبناء وتهدد مستقبلهم.

قدم الدكتور المهدي مجموعة من التوصيات العلمية الهامة للحد من مخاطر الهواتف الذكية على الأطفال. نصح بمنع استخدام الشاشات تمامًا للأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنتين. كما أوصى بالسماح باستخدام محدود للغاية لا يتجاوز نصف ساعة يوميًا للأطفال بين سنتين وست سنوات، مع ضرورة إشراف الأهل الكامل والمباشر.

أكد على أهمية عدم منح الأطفال أجهزة ذكية خاصة بهم في سن مبكرة لتجنب التعلق المفرط وتطوير سلوكيات إدمانية. بالإضافة إلى ذلك، دعا إلى دعم الأسر من خلال المدارس والجامعات، بتقديم برامج تدريبية متخصصة تهدف إلى تعليم الوالدين كيفية ضبط استخدام التكنولوجيا لأبنائهم بشكل فعال وصحي، لبناء بيئة أسرية متوازنة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *