إشادة.. رئيس مجلس الدولة الصيني: مصر بلد عريق حضاريًا ويشهد تنمية غير مسبوقة

استقبل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، نظيره الصيني لي تشيانغ، في زيارة تاريخية لمصر، حيث بحث الجانبان سبل تعزيز العلاقات الثنائية والشراكة الاستراتيجية الشاملة. تركزت المباحثات على دفع التعاون الاقتصادي والاستثماري، وتوطين الصناعة، ونقل التكنولوجيا، بالإضافة إلى التنسيق حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

تعزيز آفاق التعاون الاقتصادي والتنموي

استهل رئيس الوزراء المصري كلمته بالترحيب بالوفد الصيني، مؤكدًا أن العلاقات التاريخية والوطيدة بين القاهرة وبكين تتجلى في الروابط القوية بين الرئيسين السيسي وشي جين بينغ. تظهر هذه العلاقات المتميزة أيضًا في دورية اللقاءات رفيعة المستوى بين مسؤولي البلدين الصديقين، مما يعكس عمق الشراكة الاستراتيجية.

أشاد الدكتور مدبولي باللقاء الذي جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس مجلس الدولة الصيني، حيث أكد الرئيس السيسي موقف مصر الثابت بدعم مبدأ “الصين واحدة”. يعكس هذا الموقف المشترك التفاهم السياسي العميق بين قيادتي البلدين على القضايا المحورية.

اقرأ أيضًا: أخيراً.. الأرض بترجع! .. بدء المرحلة الثانية للموجة الـ 26 لإزالة التعديات على أملاك الدولة والأراضي الزراعية

ثمن رئيس الوزراء الدور المحوري الذي تقوم به الصين في دعم جهود التنمية في مصر، مشيرًا إلى مشاركة العديد من الشركات الصينية في مشروعات تنموية حيوية. تشمل هذه المشروعات الكبرى حي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة، وأبراج مدينة العلمين الجديدة، إلى جانب مشروع القطار الكهربائي الخفيف.

كما سلط الضوء على تنمية وتطوير المنطقة الصناعية الصينية “تيدا” بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس. تعتبر “تيدا” نموذجًا ناجحًا للتعاون الاستثماري بين مصر والصين، وتتطلع الحكومة المصرية لزيادة استثمارات الشركات الصينية بها خلال الفترة المقبلة.

أعرب الدكتور مصطفى مدبولي عن تطلعه لأن تكون هذه الزيارة نقطة انطلاق لتعزيز العلاقات الثنائية وبدء مرحلة جديدة من التعاون. ترتكز هذه المرحلة على دفع جهود توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا الصينية، بالاستفادة من قدرات الصين الكبيرة في هذا المجال الحيوي.

اقرأ أيضًا: يا بلاش دهب.. سعر الذهب عيار 21 اليوم الخميس 19 يونيو في الصاغة بعد الانخفاض الجديد.

تولي الحكومة المصرية أهمية كبيرة للتعاون مع الجانب الصيني في مجال السيارات الكهربائية، نظرًا لريادة بكين العالمية في هذه الصناعة. دعا رئيس الوزراء الشركات الصينية المتخصصة في السيارات الكهربائية إلى القدوم لمصر وتوطين صناعاتها والاستفادة من الحوافز الحكومية المقدمة.

دعم الصناعة المصرية وتوازن الميزان التجاري

أكد رئيس الوزراء استعداد مصر لتقديم جميع التسهيلات الممكنة للشركات الصينية الراغبة في تدشين صناعات لها داخل الأراضي المصرية. يهدف هذا التوجه إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وخلق فرص عمل مستدامة في السوق المصري.

أعرب الدكتور مدبولي عن تطلعه لمعالجة الاختلالات في الميزان التجاري بين البلدين، خاصة من خلال فتح السوق الصينية أمام المزيد من الصادرات المصرية. تتمتع الصادرات المصرية بجودة عالية ولها نفاذ في العديد من الأسواق العالمية مثل أمريكا الشمالية وأوروبا.

تتطلع مصر إلى نقل بعض الصناعات الصينية إليها لتصنيع المنتج النهائي محليًا بدلاً من استيراده بالكامل من الصين. يحقق هذا التوجه فائدة مشتركة للجانبين ويسهم في تعزيز القيمة المضافة للاقتصاد المصري وزيادة المكون المحلي في الصناعة.

أعرب رئيس الوزراء عن تطلعه للعمل المشترك من أجل الإسراع في إنجاز المرحلتين الثالثة والرابعة من مشروع القطار الكهربائي الخفيف، وكذلك الانتهاء من مشروع حي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة. يأتي هذا مع انتقال المؤسسات الحكومية إلى العاصمة الإدارية في عام 2024.

الشراكة المالية والتنسيق الإقليمي والدولي

قدم الدكتور مصطفى مدبولي شكره وتقديره للجانب الصيني على توقيع مذكرة التفاهم الخاصة ببرنامج مبادلة الديون، التي تهدف لتنفيذ مشروعات تنموية. جرى توقيع المذكرة في بكين بتاريخ 19 أكتوبر 2023، على هامش اجتماعات القمة الثالثة لمنتدى الحزام والطريق.

أكد رئيس الوزراء أن أهمية هذا البرنامج لا تنبع فقط من كون مصر الدولة الأولى التي توقع معه الوكالة الصينية للتعاون الإنمائي الدولي هذا النمط من التمويل، بل لأنه يعبر عن رغبة الصين الحثيثة في استكشاف أدوات تمويلية مبتكرة لدعم علاقاتها الاقتصادية مع مصر.

أعرب الدكتور مدبولي عن تطلع مصر لتعزيز التعاون مع الصين في القطاع النقدي والمالي. كانت مصر أول دولة أفريقية تصدر سندات “الباندا” المقومة باليوان في أكتوبر 2023 بقيمة 500 مليون دولار أمريكي، لتمويل مشروعات تنموية وخضراء ضمن إطار التمويل المستدام.

على صعيد القضايا الإقليمية، أشاد رئيس الوزراء بالدور الصيني الداعم للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في المحافل الإقليمية والدولية. تبرز أهمية هذا الدعم بشكل خاص في أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، مما يعكس التوافق في المواقف السياسية.

أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أهمية التعاون والتنسيق المشترك بين مصر وبكين في إطار منتدى التعاون الصيني الأفريقي (فوكاك). كما أكد على متابعة تنفيذ مخرجات الدورة التاسعة للمنتدى، خاصة الشراكات العشر الجديدة التي أعلن عنها الرئيس شي جين بينج في سبتمبر 2024.

قدمت مصر قائمة بعدد من المشروعات ذات الأولوية للاستفادة من الحزم التمويلية التي خصصت لتنفيذ هذه الشراكات بمبلغ 51 مليار دولار. يعكس هذا التعاون حرص البلدين على تحقيق التنمية المستدامة في القارة الأفريقية وتعزيز الشراكة جنوب-جنوب.

بدوره، أعرب رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ عن اعتزازه بزيارته الحالية إلى مصر، التي تعتبر المحطة الأولى له في أفريقيا منذ توليه منصبه. يؤكد هذا الاهتمام البالغ لبكين بتوطيد علاقاتها مع مصر كشريك استراتيجي مهم.

أكد لي تشيانغ أن مصر بلد عريق حضاريًا ويشهد تنمية حديثة غير مسبوقة، وقد شهد بنفسه الجهود التنموية الكبيرة التي قام بها المصريون على مدار الأعوام الماضية في ظل الجمهورية الجديدة. وصف مصر بأنها دولة قوية وكبيرة ومؤثرة في محيطها الإقليمي والعربي والأفريقي.

أشار تشيانغ إلى أن العام الماضي 2024 شهد الاحتفال بالذكرى العاشرة لترفيع العلاقات بين مصر والصين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة. بينما سيشهد العام المقبل 2026 الاحتفال بالذكرى السبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الصديقين.

أوضح أنه خلال زيارته لمصر، شهد عن كثب حرص الجانب المصري على تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين. أكد أن بكين أيضًا تولي أولوية لتعزيز علاقاتها مع مصر وتوسيع آفاق التعاون المشترك في مختلف المجالات.

أكد لي تشيانغ رغبة الصين في تعزيز التعاون الاستثماري مع مصر في عدد من المجالات المختلفة. تشمل هذه المجالات الطاقة المتجددة والصناعة والذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، فضلاً عن تعميق التعاون في المجال المالي المشترك.

أشار رئيس مجلس الدولة الصيني إلى أن بلاده تحرص على زيادة نفاذ الصادرات المصرية إلى السوق الصينية، وقد اتخذت الكثير من الإجراءات في هذا الصدد. يعكس هذا التوجه حرص بكين على تحقيق توازن تجاري متبادل وفتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية.

كما أعرب عن تطلعه لتعزيز التعاون مع مصر في المجال الثقافي والإنساني والإعلامي. أكد استعداد الصين لتقديم كل ما في وسعها لدعم الجانب الإنمائي في مصر، مما يعكس الشراكة الاستراتيجية الشاملة بينهما في جميع القطاعات.

خلال المباحثات، تبادل الجانبان الرؤى حول التحديات الجيوسياسية العالمية والإقليمية الراهنة. جرى الإشارة إلى أن العالم يمر بحالة من عدم اليقين، وضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بدوره في إلزام الأطراف المتصارعة بالمسؤولية والحكمة السياسية لحل الصراعات عبر الحوار والوسائل الدبلوماسية.

أكد الجانبان على الحاجة الملحة لاستمرار حشد الدعم الدولي لتنفيذ الخطة العربية الإسلامية لإعادة إعمار قطاع غزة، التي اعتمدتها القمة العربية غير العادية بالقاهرة في 4 مارس الماضي. هذا يعكس موقف البلدين المشترك تجاه الأزمة الإنسانية في المنطقة.

أشار الطرفان كذلك إلى استمرار حرص مصر على التنسيق مع الجانب الصيني، على المستوى الثنائي وفي المحافل متعددة الأطراف، لدعم حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة. يشمل ذلك حقه في إقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

حضر المباحثات من الجانب المصري كل من الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وأحمد كجوك، نائب وزير المالية، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، وحسام هيبة، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والسفير أحمد شاهين، مساعد وزير الخارجية للشئون الآسيوية وشئون أستراليا ونيوزيلندا وجزر المحيط الهادئ.

فيما حضر المباحثات من الجانب الصيني كل من: لان فوهان، وزير المالية، ووانج ونتاو، وزير التجارة، وما تشاوشيوى، نائب وزير الخارجية المنتدب على درجة وزير، ولياو لى تشانج، سفير الصين لدى مصر، وعدد من المسؤولين الصينيين.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *