يفتح متحف زايد الوطني، المتحف الوطني لدولة الإمارات، أبوابه رسمياً في ديسمبر 2025 بقلب المنطقة الثقافية بالسعديات في أبوظبي. يحتفي الصرح بإرث الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ويسلط الضوء على اهتمامه بالتعليم والمعرفة، ترسيخ الهوية الوطنية، وحفظ التراث الثقافي الغني.
متحف زايد الوطني: إرث وإلهام
يُجسّد المتحف رؤية الشيخ زايد، رحمه الله، من خلال معارض تفاعلية وبرامج تعليمية وعامة غنية. يستلهم المتحف القيم التي آمن بها الوالد المؤسس، مثل الإنسانية وإحياء الموروث الأصيل.
يضم المتحف ست صالات عرض دائمة موزعة على طابقين، بالإضافة إلى صالة مخصصة للمعارض المؤقتة، ليروي قصة الإمارات عبر 300 ألف عام من تاريخها العريق والمتجدد باستمرار. تتنوع مقتنياته بين قطع أثرية من أنحاء الدولة وأعمال معارة وقطع مهداة من مجتمعات محلية ودولية، مما يُبرز غنى الإرث الثقافي الإماراتي وتنوعه اللافت. هذا يعكس التزام دولة الإمارات بالحفاظ على تاريخها وتقديمه للأجيال القادمة والعالم.
كنوز تاريخية ومعروضات استثنائية
أدرك الشيخ زايد، طيب الله ثراه، أهمية فهم الماضي لبناء مستقبل أفضل للوطن وأبنائه. وقد دفعه شغفه العميق باستكشاف تراث الأمة وحفظه إلى تأسيس “متحف العين” عام 1971، ثم تدشين المجمع الثقافي في أبوظبي عام 1981، ليضع بذلك اللبنات الأولى للمشهد الثقافي في الدولة.
تضم مجموعة المتحف حالياً قطعاً أثرية نادرة تعود إلى العصور الحجرية القديمة والحديثة، مروراً بالعصور البرونزية والحديدية. اكتشف هذه القطع علماء آثار مرموقون على مدى أكثر من نصف قرن، وتقدم دليلاً دامغاً على براعة الأجداد وقدرتهم على مواجهة الصعاب والتحديات بابتكار ومرونة.
من أبرز معروضات متحف زايد الوطني “لؤلؤة أبوظبي”، وهي إحدى أقدم اللآلئ الطبيعية المعروفة عالمياً، مؤكدةً التاريخ العريق لمهنة الغوص بحثاً عن اللؤلؤ في الخليج العربي. كما يضم المتحف “المصحف الأزرق”، الذي يُعد من أرقى المخطوطات في تاريخ الفن الإسلامي، ونموذجاً لقارب “ماجان” القديم، ثمرة شراكات بحثية مع جامعات مرموقة.
تجربة ثقافية شاملة ومحور عالمي
صُمم المتحف على يد المعماري العالمي اللورد نورمان فوستر، الحائز على جائزة “بريتزكر”، مع تركيز واضح على توظيف عناصر مستوحاة من التراث الإماراتي الأصيل. تميز التصميم المعماري بوضع الاستدامة في صميم رؤيته الهندسية، وتعلو المبنى خمسة هياكل فولاذية مصممة على شكل جناح الصقر أثناء تحليقه، في احتفالية رمزية برياضة الصقارة التي تمثل جزءاً جوهرياً من الموروث الثقافي الإماراتي العريق.
يقدم متحف زايد الوطني تجربة ثقافية شاملة ومتاحة للجميع من مختلف الأجيال والخلفيات الثقافية، مسلطاً الضوء على التراث الإماراتي الغني والهوية الإماراتية المعاصرة. يوفر المتحف منصة حيوية للحوار وتعزيز التفاهم المشترك بين الثقافات، وستسهم معارضه وبرامجه ومبادراته في إلهام الشباب، وإشراك أصحاب الهمم وكبار المواطنين، وتمكين البحث العلمي العالمي لتقديم إسهامات مؤثرة.
يُعد المتحف إضافة محورية للمنطقة الثقافية في السعديات، أحد أكبر تجمعات المؤسسات الثقافية في العالم. سيعرض مجموعات وقصصاً تُكرم الإرث الثقافي الغني للمنطقة، وتُبرز دور أبوظبي كملتقى للحضارات، مما يدعم رسالة السعديات في بناء جسور للحوار بين الثقافات. يأتي ذلك جنباً إلى جنب مع مؤسسات رائدة مثل متحف اللوفر أبوظبي، وتيم لاب فينومينا أبوظبي، بالإضافة إلى متحف التاريخ الطبيعي أبوظبي ومتحف جوجنهايم أبوظبي المرتقب افتتاحهما، لترسيخ مكانة الإمارة كمركز عالمي رائد للثقافة والابتكار والمعرفة.