عاد حريق “سنترال رمسيس”، أحد أبرز مراكز البنية التحتية للاتصالات في مصر، للاشتعال مجددًا مساء الخميس 10 يوليو، بعد أيام من السيطرة الكاملة على النيران الأولى التي اندلعت الاثنين الماضي. فاجأ تجدد الحريق المواطنين، مما أعاد طرح تساؤلات ملحة حول أسبابه، ومدى تأمين الموقع عقب الكارثة الأولى.
في محاولة لفهم ما حدث من منظور تقني، قدم المهندس محمد مغربي، استشاري التأمين والذكاء الاصطناعي، تحليلاً تفصيليًا لأسباب الاشتعال الثاني. أكد مغربي أن الحريق الأخير لم يكن مفاجئًا، بل جاء نتيجة طبيعية لعدة عوامل فنية معقدة ترتبط بتأثيرات الحريق الأول وطبيعة المبنى نفسه.
أسباب تجدد حريق سنترال رمسيس
أوضح المهندس مغربي أن الحرائق الكبيرة، خاصة في منشآت مملوءة بالأجهزة الإلكترونية والكابلات مثل سنترال رمسيس، يمكن أن تترك بقايا حرارة تحت الأسطح أو داخل الجدران. تُعرف هذه الظاهرة بـ “النار تحت الرماد”، وهي تشير إلى وجود نقاط ساخنة قد تعاود الاشتعال. عملية التبريد بعد إخماد الحريق غالبًا لا تكون بنسبة مئة بالمئة في مبانٍ ضخمة، مما يسمح للنيران بالتجدد إذا لم تُعالج كل نقطة ساخنة بدقة.
مخاطر النار تحت الرماد والتبريد غير الكافي
أكد مغربي أن استخدام المياه في الإطفاء ضروري، لكنه ينطوي على مخاطر إضافية عند وصولها إلى المكونات الحساسة. قد تصل المياه إلى لوحات التوزيع أو أجهزة الفايبر أو وحدات التغذية الكهربائية المخفية، مما يؤدي إلى “قفلات كهربائية” أو تسربات عند إعادة توصيل التيار. هذه القفلات قد لا تُكتشف فورًا، لكنها تظهر أثناء التجارب الأولية لتشغيل الأجهزة وتتسبب في شرر كافٍ لإشعال النيران مجددًا.
تسريبات الكهرباء بعد الإطفاء بالمياه
أضاف المهندس مغربي أن الحريق الأول ربما أضعف عوازل الكابلات الداخلية أو تسبب في شروخ دقيقة داخل المكونات المعدنية والإلكترونية التي يصعب رؤيتها بالعين المجردة. تصبح هذه الأجزاء هشة، ومع أول توصيل كهربائي، قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع الحرارة مجددًا، وربما إلى اشتعال جديد. هذه الظواهر شائعة في مثل هذه الحوادث وتتطلب فحصًا دقيقًا جدًا يصعب إنجازه خلال وقت قصير.
اختتم مغربي تحليله بالتأكيد على أن الحريق الثاني جاء محدودًا مقارنة بالأول، لكنه كشف عن حاجة السنترال لمزيد من الفحص والتأمين والتدقيق قبل عودته للعمل الكامل. هذا الحادث يُعد مؤشرًا مهمًا على ضرورة التأكد من سلامة جميع الأجزاء بعد الحرائق الكبيرة لضمان عدم تجددها.