اتهام .. وزير الري: دعوات إثيوبيا لاستئناف التفاوض محاولات شكلية لتحسين صورتها الذهنية

التقى الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، سفراء مصر الجدد بالخارج لمناقشة ملف المياه الحيوي، بما في ذلك أمن مصر المائي وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي. شدد الوزير على أهمية دعم دول حوض النيل وجهود مصر الداخلية لمواجهة ندرة المياه، مع التأكيد على موقف مصر الثابت من قضية سد النهضة الإثيوبي ورفض الإجراءات الأحادية.

تعزيز التعاون المائي والأفريقي

أعرب وزير الري عن عميق تقديره للتعاون الوثيق بين وزارتي الخارجية والموارد المائية والري، خاصة في ظل التقاطع الكبير لملفات الاختصاص المتعلقة بملف المياه والأمن القومي المصري. يتضمن هذا التعاون المشترك التنسيق المستمر مع الشركاء الدوليين في جهود مواجهة ندرة المياه وبناء القدرات وتبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا الحديثة.

أكد الدكتور سويلم حرص مصر الشديد على تعزيز أواصر التعاون مع مختلف الدول الأفريقية الشقيقة، وفي مقدمتها دول حوض النيل. يأتي هذا الحرص من خلال دعم مشروعات التنمية المائية المستدامة، مشيرًا إلى الآلية التمويلية المخصصة التي أطلقتها الدولة المصرية لدراسة وتنفيذ مشروعات البنية التحتية والتنموية في دول حوض النيل الجنوبي.

اقرأ أيضًا: بالنص.. الامتحان.. أقوى مراجعة نهائية للغة العربية لطلاب الثانوية العامة شاملة أهم الأسئلة المتوقعة وإجاباتها النموذجية

تواصل مصر تقديم دعمها الفني واللوجستي للأشقاء الأفارقة عبر تنفيذ مشروعات حيوية. تشمل هذه المشروعات تطهير المجاري المائية، وبناء سدود حصاد مياه الأمطار، وحفر آبار تعمل بالطاقة الشمسية، بالإضافة إلى إنشاء مراكز متقدمة للتنبؤ بالأمطار وقياس نوعية المياه بشكل دوري.

بالإضافة إلى المشروعات، تقدم مصر فرصًا تدريبية ومنحًا دراسية قيمة من خلال “المركز الأفريقي للمياه والتكيف المناخي” و”معهد بحوث الهيدروليكا”. توفر هذه المبادرات فرصًا تعليمية وبحثية متميزة للطلاب والباحثين من الدول الأفريقية، مما يعزز تبادل المعرفة والخبرات في مجال إدارة المياه.

تتمتع مصر بخبرات طويلة ومتميزة في إدارة الموارد المائية، وتلتزم بمشاركتها مع الدول الأفريقية الشقيقة، وخاصة دول حوض النيل التي تتميز بوفرة مواردها المائية الطبيعية. يصل حجم الأمطار المتساقطة على حوض نهر النيل إلى حوالي 1600 مليار متر مكعب سنويًا، بينما تبلغ حصة مصر المائية 55.5 مليار متر مكعب فقط من مياه النيل.

اقرأ أيضًا: بطل من قلب مصر.. شارع جديد بالعاشر من رمضان يحمل اسم سائق الشهامة تخليدًا لذكراه

استراتيجية مصر لمواجهة ندرة المياه

استعرض وزير الري جهود الدولة المصرية المتواصلة لسد الفجوة المتزايدة بين الموارد المائية المتاحة والاحتياجات المائية المتنامية. تشمل هذه الجهود تنفيذ مشروعات قومية كبرى لمعالجة مياه الصرف الزراعي، مثل مشروعات الدلتا الجديدة وبحر البقر والمحسمة، والتي تهدف إلى إعادة استخدام المياه وتحقيق أقصى استفادة منها.

كما تركز الاستراتيجية المصرية على تطوير وتحديث نظم الري المستخدمة في الزراعة، وتحسين إدارة الموارد المائية المتاحة. تساهم هذه الإجراءات الشاملة في ضمان توفير الاحتياجات المائية لجميع المنتفعين بشكل مستدام، وتوفر المرونة اللازمة للتعامل بفعالية مع التحديات التي يفرضها تغير المناخ العالمي.

تطورات ملف سد النهضة: موقف مصر الثابت

عرض الدكتور سويلم أحدث التطورات المتعلقة بملف سد النهضة الإثيوبي، ومسار المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا. أكد الوزير أن المفاوضات شهدت نقاط خلاف جوهرية، رغم التزام مصر السياسي الصادق بالتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يضمن المصالح المشتركة ويحمي دولتي المصب من أي أضرار جسيمة محتملة.

أشار الوزير إلى أن هذه الجهود المصرية المتواصلة قوبلت بانعدام الإرادة السياسية من الجانب الإثيوبي، الذي رفض بشكل قاطع الاستجابة لمساعي الحلول المتوازنة. شدد سويلم على الرفض التام والمطلق لاستمرار سياسة فرض الأمر الواقع التي تتبعها إثيوبيا، من خلال إجراءات أحادية تتعلق بنهر النيل الذي يعد موردًا مائيًا دوليًا مشتركًا.

يُعد النهج الإثيوبي انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي، وخاصة القواعد المتعلقة بالاستخدامات العادلة والمنصفة للمجاري المائية الدولية، والامتناع عن التسبب في ضرر جسيم لدول المصب. يتناقض هذا السلوك مع مبادئ التعاون الدولي ويقوض فرص التوصل إلى حل مستدام يحقق المنفعة للجميع.

أوضح الدكتور سويلم أن الجانب الإثيوبي دأب على الترويج لاكتمال بناء السد، وهو إجراء غير شرعي ومخالف للقانون الدولي، رغم عدم التوصل إلى اتفاق ملزم مع دولتي المصب. هذا الترويج المستمر يأتي على الرغم من التحفظات الجوهرية التي أعربت عنها كل من مصر والسودان بوضوح، مما يعكس نهجًا إثيوبيًا يسعى إلى الهيمنة المائية.

يتعارض هذا السلوك الإثيوبي مع مبدأ الشراكة والتعاون العادل في إدارة الموارد المائية المشتركة، وهو الأمر الذي لن تسمح به الدولة المصرية تحت أي ظرف من الظروف. مصر ترفض بشكل قاطع أي محاولات لأن تأتي التنمية في إثيوبيا على حساب حقوق دولتي المصب المشروعة في مياه النيل.

أشار سويلم إلى أن الدعوات الإثيوبية المتكررة لاستئناف التفاوض لا تعدو كونها محاولات شكلية تهدف إلى تحسين الصورة الذهنية لإثيوبيا على الساحة الدولية، وإظهارها بمظهر الطرف الساعي للحوار. لكن الواقع العملي، ومسار التفاوض الممتد لأكثر من ثلاثة عشر عامًا دون اتفاق، يبرهن بوضوح على غياب الإرادة السياسية الحقيقية.

تفتقر تلك الدعوات الإثيوبية للمصداقية والجدية، في ظل غياب أي مؤشر على وجود نية حقيقية لتحويل الأقوال إلى التزامات واضحة وأفعال ملموسة على أرض الواقع. تؤكد المواقف الإثيوبية التي تتسم بالمراوغة والتراجع وفرض سياسة الأمر الواقع، تناقضها الصارخ مع ما تُعلنه إثيوبيا من رغبة في التفاوض.

على الصعيد الدولي، استعرض وزير الري الجهود المصرية الحثيثة لرفع مكانة المياه على أجندة العمل المناخي العالمي، خاصة من خلال مبادرة AWARe. أطلقت مصر هذه المبادرة بهدف خدمة الدول النامية وتوفير التمويل اللازم لمشروعات التكيف مع التغيرات المناخية، مما يعكس التزامها بالتعاون البيئي الدولي.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *