يصادف اليوم الأربعاء 2 يوليو ذكرى ميلاد الشيخ إمام، أيقونة الفن المقاوم الذي أثر بعمق في مصر والعالم العربي. ولد عام 1918، وفقد بصره ليصبح صوتاً للحرية بقصائده الخالدة مثل “جيفارا مات”، مجسداً نضال الفقراء والعمال. مسيرته الفنية الغنية تظل محفورة في الذاكرة الجمعية.
بدايات فنية ملهمة
الشيخ إمام عيسى، وُلد في قرية أبو النمرس بمحافظة الجيزة عام 1918، وفقد بصره في سن مبكرة. رغم ذلك، تمكن من حفظ القرآن الكريم كاملاً، مما شكل أساساً لرحلته الروحية والفنية. هذه المرحلة المبكرة من حياته أظهرت إصراراً وتفوقاً لافتاً، ومهدت الطريق لموهبته الموسيقية الفريدة.
انتقل الشيخ إمام إلى القاهرة لاستكمال دراسته في الأزهر الشريف، وهناك التقى بالشيخ درويش الحريري الذي كان له دور محوري في تعليمه مبادئ الموسيقى والمواويل. تأثر إمام أيضاً بألحان عمالقة الموسيقى المصرية مثل سيد درويش وزكريا أحمد. تعلم العزف على العود وبدأ يغني في المناسبات والأفراح، بالإضافة إلى ترديد الأناشيد الدينية.
ثنائية الشيخ إمام ونجم
نقطة تحول كبرى في مسيرة الشيخ إمام الفنية كانت لقائه بالشاعر المتمرد أحمد فؤاد نجم. شكل الثنائي حالة فنية وثقافية فريدة من نوعها على الساحة، حيث جمعتهما رؤية مشتركة للتعبير عن هموم البسطاء. هذه الشراكة الثورية أنتجت أعمالاً خالدة، وعبرت بصدق عن نبض الشارع المصري.
تميزت الأغاني التي قدمها الشيخ إمام بالتعاون مع أحمد فؤاد نجم بطابعها السياسي والاجتماعي العميق. كانت هذه الأغاني موجهة بشكل أساسي للفقراء والعمال والمهمشين، تنتقد السلطة وتفضح الواقع القاسي بأسلوب فني جريء ومباشر. “جيفارا مات” هي واحدة من أبرز هذه الأغاني التي لا تزال تتردد حتى اليوم.
إرث فني لا يمحى
ترك الشيخ إمام وراءه إرثاً فنياً ضخماً يضم أكثر من 350 أغنية، جسدت كل منها صوتاً للمقاومة والتعبير عن الضمير الجمعي. من أشهر أعماله التي لا تزال محفورة في الذاكرة “مصر يا أمة يا بهية”، و”إذا الشمس غرقت”، بالإضافة إلى أيقونته “جيفارا مات”. هذه الأغاني ليست مجرد نغمات، بل هي قصص حية من تاريخ النضال.
يعد الشيخ إمام رمزاً للفن المقاوم والصوت الذي لا يلين في وجه الظلم، متجاوزاً كونه مجرد ملحن أو مطرب. إنه صوت الحرية وذكرى لنضال مباشر ومؤثر، ألهم أجيالاً. ذكرى ميلاده اليوم هي فرصة لتجديد العلاقة بفن المقاومة الذي قدمه، والاعتراف بالدور الجوهري الذي لعبه في مصر والعالم العربي ككل.