رحيل الشيخ سيد الكلحي.. مسيرة قارئ رفع صوت التلاوة المصرية في فرنسا

فقدت محافظة قنا والساحة القرآنية، اليوم الأربعاء، الشيخ سيد حسن بكري الكلحي، أحد أبرز قراء القرآن الكريم في صعيد مصر، عن عمر ناهز 90 عامًا، بعد مسيرة امتدت لأكثر من سبعة عقود، صَدح خلالها بصوته العذب، تاركًا بصمة مميزة في عالم التلاوة.

وُلد الشيخ الكلحي في قرية الشرقي بهجورة بمركز نجع حمادي، حيث بدأ رحلته مع القرآن الكريم في سن العاشرة، وأتمّ حفظه في كُتّاب قريته، قبل أن ينتقل إلى مدينة جرجا بسوهاج لدراسة علوم التلاوة والقراءات العشر. وفي العشرينيات من عمره، التحق بمعهد القراءات في قنا، ليواصل مسيرته العلمية في فن التلاوة.

لم يكن الشيخ الكلحي قارئًا عاديًا، بل امتاز بصوت قوي وأداء متقن لفت أنظار المسؤولين، حتى اختاره وزير الأوقاف الأسبق، محمد علي محجوب، لتمثيل مصر في بعثة قرآنية إلى فرنسا. جاء هذا الاختيار بعد أن استمع الوزير إلى تلاوته خلال احتفالية كبرى في نجع حمادي، ليقرر أن يكون الكلحي سفيرًا لصوت التلاوة المصرية في الخارج.

سافر الشيخ الكلحي إلى باريس، حيث أحيى ليالي شهر رمضان المبارك في المسجد الكبير هناك، وسط تفاعل كبير من الجالية المسلمة، ما أدى إلى تمديد زيارته ليجوب 30 مدينة فرنسية شمالًا وجنوبًا، ناشرًا صوت التلاوة المصرية الأصيلة. وبفضل هذا النجاح، جرى استدعاؤه مجددًا في العام التالي لمواصلة رحلته الدعوية.

ظل الشيخ الكلحي طوال عقود أحد أعلام التلاوة في محافظة قنا والصعيد، حيث جاب مدنها وقراها، وكان على صلة وثيقة بكبار قرّاء مصر، بينما ظل صوته العذب مقصدًا لعشاق التلاوة. وبرحيله، فقدت الساحة القرآنية أحد أعمدتها، تاركًا إرثًا خالدًا من التلاوات التي ستظل محفورة في ذاكرة محبيه.