آفاق جديدة .. الهند تدفع باتجاه شراكة فضائية كبرى مع مصر

تشهد الهند نهضة علمية وتقنية غير مسبوقة، مدفوعة ببرنامج فضائي طموح وضعها بسرعة ضمن القوى العالمية في هذا المجال. تمتلك الهند الآن واحدًا من أكبر برامج الفضاء، مع قدرات كاملة في تصميم وإطلاق وتشغيل الأقمار الصناعية والمستكشفات. هذا التقدم يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الدولي، لا سيما مع دول الجنوب العالمي مثل مصر.

الهند: قوة فضائية صاعدة

أحرزت الهند قفزات نوعية في مجال الفضاء خلال وقت قصير، لتصبح واحدة من الدول القليلة التي غزت الفضاء بنجاح. برز برنامجها الفضائي الواعد كركن أساسي في نهضتها العلمية والتقنية الكبيرة، مما وضعها جنبًا إلى جنب مع نخبة القوى الفضائية العالمية رغم أنها تعد البلد الأكثر تعدادًا للسكان في العالم. تمتلك الهند اليوم واحدًا من أكبر برامج الفضاء، مع القدرة الكاملة على تصميم، وبناء، وإطلاق، وتشغيل، وتتبع مجموعة متنوعة من الأقمار الاصطناعية، والصواريخ، والمستكشفات القمرية، ومسابير الكواكب.

تعميق التعاون الفضائي بين مصر والهند

تتطلع الهند إلى تعزيز استثماراتها في مجال الفضاء، مما دفع إلى تعاون وثيق بين مصر والهند في قطاع الفضاء والأقمار الصناعية. يتجلى قمة التقدم العلمي الهندي في المنظمة الهندية لأبحاث الفضاء (ISRO)، التي تتخذ من بنجالور مقرًا رئيسيًا لها وتعد مركزًا حيويًا لتطوير التكنولوجيا الفضائية.

اقرأ أيضًا: صح النوم يا أهلاوية!.. الأعلى للإعلام يسمح لـMBC بتغطية مباريات القلعة الحمراء فجراً

استعرض مسؤولو المنظمة الهندية لأبحاث الفضاء خلال تصريحات صحفية إنجازات الهند غير المسبوقة في مجال الفضاء. سلطت هذه التصريحات الضوء على جهود المنظمة في التعاون مع دول الجنوب العالمي، وخصوصًا الدول الإفريقية ومن بينها مصر، في مجالات التدريب وتبادل الخبرات والبحث المشترك. يعزز هذا التعاون موقع الهند كمركز عالمي للمعرفة والتقنيات الفضائية المتقدمة.

اتفق الرئيسان عبد الفتاح السيسي وناريندرا مودي، خلال لقائهما الأخير العام الماضي، على توسيع التعاون الثنائي في مجال الفضاء. يهدف هذا التعاون إلى الاستفادة من الخبرة الهندية الواسعة في بناء وإطلاق الأقمار الصناعية وتطبيقات تكنولوجيا الفضاء، مما يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز القدرات الفضائية لمصر.

كما بحث الزعيمان تعزيز التعاون في أبحاث الفضاء بمجالات حيوية مثل الاستشعار عن بعد، والاتصالات عبر الأقمار الصناعية، وعلوم الفضاء، إضافة إلى التطبيقات العملية لتكنولوجيا الفضاء. شددا كذلك على أهمية وجود فضاء إلكتروني مفتوح، وحر، ومستقر، وآمن، وموثوق به، باعتباره عاملًا ممكنًا للنمو الاقتصادي والابتكار. وأكدا مجددًا ضرورة اتباع نهج متعدد الأطراف في إدارة الإنترنت، معربين عن رغبتهما في تعميق المداولات حول تطبيق القانون الدولي على الفضاء الإلكتروني ووضع معايير للسلوك المسؤول للدول في ظل التحديات الأمنية المتزايدة.

اقرأ أيضًا: صحتك بالمجان.. خدمات طبية مجانية تقدمها قافلة علاجية بالشرقية لأكثر من 1600 مريض

رحّب الزعيمان بتوقيع مذكرة التفاهم بشأن التعاون في مجال الأمن السيبراني، ما يؤكد رغبتهما في زيادة التعاون الثنائي في القضايا المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. تقع بنجالور، مقر المنظمة الهندية لأبحاث الفضاء، ضمن ولاية كارناتاكا، التي تعد من أكثر الولايات الهندية استقرارًا من حيث النمو الاقتصادي، وتمتلك جامعات مرموقة ومراكز أبحاث نشطة.

برنامج الفضاء الهندي: رحلة من الرؤية إلى الإنجاز

بدأت أنشطة أبحاث الفضاء في الهند مطلع الستينيات، في فترة كانت فيها تطبيقات الأقمار الصناعية لا تزال في مراحلها التجريبية حتى بالولايات المتحدة. أدرك الدكتور فيكرام سارابهاي، الذي يُعرف بأنه الأب المؤسس لبرنامج الفضاء الهندي، الفوائد الهائلة التي ستجلبها تكنولوجيا الفضاء للهند بعد أول بث مباشر لدورة الألعاب الأولمبية في طوكيو عام 1964 بواسطة القمر الصناعي الأميركي “سينكوم 3”.

كان الدكتور سارابهاي مقتنعًا بقدرة الموارد الموجودة في الفضاء على معالجة المشاكل الحقيقية التي يواجهها الإنسان والمجتمع. بصفته مديرًا لمختبر الأبحاث الفيزيائية في أحمد آباد، جمع سارابهاي نخبة من العلماء البارزين وخبراء الأنثروبولوجيا والاتصالات وعلماء الاجتماع من جميع أنحاء البلاد لقيادة برنامج الفضاء الهندي الناشئ.

لتحقيق هذه الرؤية الطموحة، أنشأت الهند اللجنة الوطنية الهندية لأبحاث الفضاء عام 1962، والتي كانت تابعة لإدارة الطاقة الذرية. وفي خطوة لاحقة، أُنشئت منظمة أبحاث الفضاء الهندية “إيسرو” (ISRO) في أغسطس 1969، لتخلف اللجنة الوطنية وتصبح المؤسسة الرائدة لجهود الهند الفضائية.

نجحت “إيسرو” في تطوير سلسلة من منصات إطلاق الأقمار الصناعية المتقدمة، أبرزها مركبة إطلاق الأقمار الصناعية القطبية (PSLV) ومركبة إطلاق الأقمار الصناعية المتزامنة مع الأرض (GSLV). تُستخدم هذه الأقمار في تطبيقات حيوية مثل رسم خرائط المحاصيل ومسحها، ومراقبة الأضرار الناجمة عن الكوارث الطبيعية وتآكل التربة، وتقديم الخدمات الطبية والتعليمية عن بعد، بالإضافة إلى توفير الاتصالات للمناطق الريفية النائية.

أطلقت الهند أول أقمارها الاصطناعية، المسمى “أريابهاتا”، عام 1975 بواسطة منصة إطلاق سوفياتية. كما نجحت في وضع أول قمر اصطناعي محلي الصنع في المدار عام 1980 وأطلقت عليه اسم “روهيني”، مما شكل إنجازًا تاريخيًا في رحلتها نحو الاكتفاء الذاتي في تكنولوجيا الفضاء. تمتلك الهند الآن منظومة ضخمة من الأقمار الصناعية متعددة المهام، مثل نظام “إنسات” (INSAT) المتزامن الذي يتبع مدار الأرض فوق الهند ويُستخدم في الاتصالات والتلفزة والأرصاد الجوية والمناخ، إضافة إلى سلسلة أقمار “آي إس آر” (ISR) المخصصة للاستشعار عن بعد.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *