أحدث حريق سنترال رمسيس ضربة قوية للبنية التحتية الرقمية في مصر، مؤثرًا بشكل مباشر على خدمات الاتصالات والإنترنت والدفع الإلكتروني. وصف المهندس عمرو صبحي، خبير أمن المعلومات، الحادث بأنه من أكبر الأزمات التي تعرضت لها البلاد مؤخرًا، مما كشف عن تحديات كبيرة تتعلق باستمرارية الخدمات الرقمية وحاجتها لتعزيز المرونة والأمان.
تأثير الحريق على الخدمات الرقمية الأساسية
تسبب حريق سنترال رمسيس في انقطاع فوري لخدمات الهاتف الأرضي والمحمول بمناطق واسعة في القاهرة الكبرى. يُعد هذا السنترال محورًا أساسيًا في شبكة الاتصالات المصرية، حيث يضم محولات رئيسية تغذي مناطق حيوية، مما أدى إلى توقف مفاجئ لخدمة الهاتف الأرضي في عدة أحياء، مؤثرًا بشكل خاص على الشركات والبنوك والمرافق الخدمية الحيوية.
امتد تأثير الحريق ليشمل خدمات الإنترنت الأرضي “ADSL” والفايبر، نتيجة توقف عمل البنية الشبكية داخل السنترال. انقطعت خدمة الإنترنت عن آلاف المستخدمين، لاسيما في أحياء وسط البلد، رمسيس، شبرا، بالإضافة إلى مناطق واسعة من الجيزة مثل أكتوبر والشيخ زايد والهرم، مما أحدث شللاً في الخدمات المعتمدة على الشبكات الأرضية.
تأثرت أيضًا خدمات الدفع الإلكتروني وأجهزة نقاط البيع (POS) التي تعتمد بشكل كبير على الاتصال بالشبكات الأرضية. كما لحق الضرر ببعض ماكينات الصراف الآلي (ATM) المرتبطة بخطوط أرضية، مما أثر على حركة التعاملات المالية اليومية للمواطنين والشركات في المناطق المتضررة.
مدة التعافي وسبل استعادة الخدمات
صرح الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات، بأن عودة الخدمات ستكون تدريجية، وقد بدأت “المصرية للاتصالات” خطة طموحة لتحويل المسارات المتأثرة إلى سنترالات بديلة. هذا الإجراء يهدف إلى استعادة جزء من الخدمات في أسرع وقت ممكن، لتخفيف العبء عن المتضررين من انقطاع الاتصالات والإنترنت.
قد تستغرق أعمال الترميم وإعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة ما بين 5 إلى 10 أيام لاستعادة الخدمات الأساسية للهاتف والإنترنت في بعض المناطق. أما استعادة الكفاءة الكاملة والتشغيل الدائم دون الاعتماد على الحلول البديلة، فيتوقع أن يستغرق من أسبوعين إلى شهر كامل، حسب مدى التلفيات.
يواجه فريق العمل عدة تحديات قد تؤخر عودة الخدمات بالكامل، منها تلف بعض غرف المحولات بالكامل، والحاجة الملحة لإعادة توصيل الكابلات بالأرضيات بشكل دقيق. كذلك، توجد احتمالية لفقدان بعض بيانات التشغيل التي تتطلب إعادة ضبط يدوية معقدة، مما يزيد من صعوبة وسرعة عملية التعافي.
تفنيد الشائعات ونصائح للمستخدمين
انتشر ذعر كبير على منصات التواصل الاجتماعي فيما يخص المحافظ الإلكترونية وتطبيق إنستاباي، حيث ظهرت تحذيرات غير دقيقة تدعو المستخدمين لعدم شحن الرصيد أو إجراء تحويلات مالية خوفًا من سحب الأموال أو عدم عودتها. وصف المهندس عمرو صبحي الذعر الرقمي بأنه كان بنفس خطورة الحريق نفسه نظرًا لسرعة انتشاره.
أكد الخبير التكنولوجي أن حقيقة التحذيرات المنتشرة بعدم شحن الرصيد أو إجراء التحويلات البنكية غير صحيحة تمامًا. أغلب أنظمة الشحن والتحويل البنكي عبر التطبيقات مثل “إنستاباي” و”فودافون كاش” لا تعتمد على سنترال رمسيس مباشرة، بل تمر عبر شبكات الإنترنت اللاسلكي والخلوي، ومراكز بيانات متفرقة في أنحاء الجمهورية.
يرتبط تطبيق إنستاباي بمنصة المدفوعات الوطنية “ميزة” وشبكة البنك المركزي المصري، والتي تتمتع ببنية سحابية وموزعة جغرافيًا. هذا يعني أن تأثر سنترال رمسيس لن يؤدي إلى اختفاء الأموال أو سحبها تلقائيًا من حسابات المستخدمين، حيث لم تعلن البنوك عن أي خلل في أنظمتها الأساسية، رغم تأثر بعض أنظمة الصراف الآلي وخدمات الإنترنت البنكي الجزئية.
للتصرف بحكمة خلال الأزمات المشابهة، نصح المهندس عمرو صبحي بمتابعة المصادر الرسمية فقط، مثل صفحات البنوك الرسمية، أو شركة “WE”، أو البوابة الحكومية. يجب عدم مشاركة أي شائعات إلا بعد التحقق من مصدر رسمي موثوق، أو بعد التجربة الشخصية التي تؤكد صحة المعلومة. يُنصح بمراقبة الحسابات البنكية من خلال التطبيقات الرسمية دون هلع، مع تجنب إجراء المعاملات البنكية غير الضرورية خلال فترة الأزمة لزيادة الأمان.
يلخص المهندس عمرو صبحي ما حدث بأن حريق سنترال رمسيس أحدث شللاً واسعًا في خدمات الاتصالات والإنترنت والدفع الإلكتروني بمناطق حيوية في مصر. ورغم بدء خطط التعافي، فإن العودة الكاملة قد تمتد لأسابيع. لكن على الجانب الآخر، قد تكون هذه الكارثة دافعًا قويًا لتسريع التحول الرقمي الحقيقي، وتعزيز البنية التحتية التقنية بشكل أكثر استدامة وأمانًا لمواجهة التحديات المستقبلية.