تعلّمت مركبة استطلاع المريخ (MRO) مناورة جديدة ثورية، حيث أصبحت تتدحرج للخلف لتحسين قدرة رادارها على اكتشاف جليد الماء المدفون تحت سطح الكوكب الأحمر. تتيح هذه الحيلة المبتكرة، التي تزيد من قوة الإشارة الرادارية عشرة أضعاف، استكشاف مناطق جديدة تمامًا في عمق المريخ، مما يعزز جهود البحث عن الماء ويدفع حدود الفهم الكوكبي.
مناورة “التدحرج للخلف” تعزز البحث عن الماء
تُجري مركبة استطلاع المريخ (MRO) الآن تدحرجًا فريدًا بزاوية 120 درجة، مما يجعلها تدور للخلف وتصبح شبه مقلوبة بالنسبة لسطح المريخ. تضمن هذه الوضعية الجديدة أن يحصل رادار شاراد (SHARAD) على رؤية واضحة ومباشرة للسطح، مما يعزز قدرته على اختراق الطبقات السفلية للكوكب بكفاءة غير مسبوقة.
أدت هذه المناورة المبتكرة إلى زيادة قوة إشارة رادار شاراد بنسبة عشرة أضعاف، وهو تقدم كبير يعزز فرص اكتشاف الجليد المائي. في هذا السياق، صرح جاريث مورجان، الباحث المشارك في جهاز رادار شاراد بمعهد علوم الكواكب: “لا يقتصر الأمر على تعليم مركبة فضائية قديمة حيلًا جديدة فحسب، بل يمكنك أيضًا من خلال ذلك استكشاف مناطق جديدة تمامًا تحت سطح الكوكب”.
مركبة المريخ المخضرمة تواصل الاكتشافات
تعد مركبة استطلاع المريخ (MRO) بمثابة رائدة في استكشاف الفضاء، حيث تدور حول المريخ منذ عام 2006. على مدار ما يقرب من عقدين، قدمت هذه المركبة الفضائية بيانات قيمة ساعدت العلماء على فهم الكوكب الأحمر بشكل أعمق، مما يؤكد مرونتها وقدرتها على التكيف مع التحديات الجديدة.
تحمل المركبة الفضائية خمسة أجهزة علمية لا تزال تعمل بكامل طاقتها، بينما تم إيقاف تشغيل جهاز سادس، وهو مطياف التصوير الاستطلاعي المدمج للمريخ (CRISM)، في عام 2023. في السابق، كانت المركبة تميل نفسها بزاوية تصل إلى 28 درجة لتوجيه أجهزتها نحو أهداف محددة على السطح، مما كان يعني غالبًا تضحية بوضوح عمل الأدوات الأخرى.
شاراد: عين الرادار التي تبحث عن الجليد
واجه جهاز شاراد (SHARAD) تحديات فريدة بسبب موقعه في الجزء الخلفي من المركبة الفضائية. كان هذا الموقع يؤدي إلى التقاط أشعة الرادار لجزء من هيكل المركبة، مما ينتج عنه تداخل كبير يقلل من وضوح البيانات ويحد من العمق الذي يمكن للجهاز استكشافه تحت سطح المريخ.
يُطلق جهاز شاراد نبضات رادارية قوية قادرة على كشف جليد الماء المدفون على عمق يصل إلى 1.2 ميل، أي ما يعادل 2 كيلومتر، تحت السطح. صُممت هذه الأداة بشكل خاص لدراسة المناطق القريبة من سطح المريخ، والتي غالبًا ما تكون صعبة الوصول إليها بالطرق التقليدية.
يؤكد مورجان على الأهمية الكبيرة لدراسة هذه المناطق الصعبة عن كثب. يرى العلماء أن هناك الكثير من المعلومات التي يمكن الحصول عليها من خلال تحليل الطبقات تحت السطحية، مما قد يكشف عن تفاصيل حاسمة حول تاريخ المياه على المريخ وإمكانيات وجود الحياة.
لهذا السبب تحديدًا، بدأ مهندسو مهمة MRO بتجارب جريئة على المركبة الفضائية، حيث قاموا بتنفيذ ما وصفوه بـ “اللفات الكبيرة جدًا”. تهدف هذه المناورات المحسنة إلى تجاوز القيود السابقة وتمكين شاراد من أداء وظيفته الاستكشافية بأقصى كفاءة ممكنة، مما يفتح آفاقًا جديدة للبحث.