في لحظة خاطفة، صدم نبأ وفاة المطرب أحمد عامر الجمهور، مما أثار تساؤلات حول أسباب الرحيل المفاجئ. من جانبه، قدم الدكتور جمال شعبان، أستاذ أمراض القلب وعميد معهد القلب سابقًا، توضيحات هامة عبر حسابه الشخصي على فيسبوك، مسلطًا الضوء على أسباب الجلطات القاتلة والسكتات القلبية والدماغية التي قد تضرب الشباب وكبار السن على حد سواء، مؤكداً على خطورة هذه الحالات.
لماذا تحدث الوفاة المفاجئة؟ فهم الجلطات وأنواعها
الجلطة هي تجمع خطير لخلايا الدم يتسبب في انسداد الشريان بشكل كلي، مما يعيق تدفق الدم الحيوي إلى أعضاء أساسية مثل القلب أو الدماغ. عندما تُحرم الخلايا من الأوكسجين والغذاء الضروريين لبقائها، تبدأ بالضمور والموت السريع، وهو ما يؤدي إلى تداعيات صحية وخيمة قد تكون مميتة في دقائق معدودة.
تُعد خلايا القلب وخلايا المخ من أهم الخلايا في جسم الإنسان، ولا يمكن تعويضها على الإطلاق في حال موتها. هذا يجعل تأثير الجلطات على هذين العضوين بالغ الخطورة، إذ يؤدي تضررها إلى عواقب وخيمة تتراوح بين الإعاقة الدائمة والوفاة الفورية.
تحدث السكتة القلبية عند انسداد الشريان التاجي الرئيسي الذي يغذي عضلة القلب، مما يؤدي إلى توقف القلب عن العمل بشكل مفاجئ. إذا لم يتم إسعاف المريض فورًا وتقديم الرعاية الطبية العاجلة، فإن الحياة قد تنتهي في غضون دقائق معدودة بسبب توقف الدورة الدموية.
بالمثل، تنشأ السكتة الدماغية نتيجة انسداد شريان رئيسي في الدماغ، خاصة تلك الشرايين التي تغذي مراكز حيوية مثل مراكز التنفس أو الوعي. توقف المخ عن أداء وظائفه الحيوية قد يؤدي إلى وفاة مفاجئة وسريعة، مما يجعلها حالة طبية طارئة تتطلب تدخلاً سريعاً جداً.
عوامل الخطر والأعراض التحذيرية التي لا يجب تجاهلها
من المدهش أن آلام البطن قد تكون علامة تحذيرية لجلطة خطيرة، حيث يمكن أن تُشبه الجلطة في الشريان التاجي الخلفي أعراض الحموضة أو حرقة المعدة. كذلك، قد تُسبب جلطة شرايين الأمعاء أو تسلّخ الشريان الأورطي ألمًا شديدًا وغير مبرر في منطقة البطن، مما يستدعي استشارة طبية عاجلة.
يعتبر المدخنون الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات الخطيرة، حيث يؤدي التدخين إلى تضرر الأوعية الدموية وتراكم اللويحات الدهنية. كما أن الإفراط في تناول المسكنات يرفع من مخاطر التجلط، وكذلك الحال بالنسبة لمشروبات الطاقة والمنشطات التي تؤثر سلباً على صحة القلب والأوعية الدموية.
تُعد المخدرات بأنواعها المختلفة سبباً رئيسياً في زيادة احتمالية الإصابة بالجلطات المميتة، لما لها من تأثير مباشر وسريع على الجهاز الدوري. بالإضافة إلى ذلك، يلعب التاريخ الوراثي دوراً مهماً، خاصةً إذا كان هناك ارتفاع في الكوليسترول أو اضطرابات في التجلط ضمن أفراد العائلة، مما يزيد من قابلية الفرد للإصابة.
مرضى الضغط المرتفع والسكري يواجهون أيضاً خطراً أكبر للإصابة بالجلطات، إذ تؤثر هذه الأمراض المزمنة سلباً على مرونة الشرايين وتزيد من احتمالية حدوث الانسدادات. لكن المفاجأة الكبرى تكمن في أن فيروس كورونا نفسه أصبح معروفاً كأحد الأسباب المباشرة والمهمة لحدوث الجلطات في القلب والمخ والرئة والكلى والكبد.
بالنسبة لجلطة المخ، يجب الانتباه إلى أعراض تحذيرية مثل الصداع المفاجئ والشديد، أو الشعور بالتنميل أو الشلل في أحد جانبي الجسم. كذلك، يُعد اضطراب الوعي أو صعوبة الكلام من العلامات التي تستدعي التدخل الطبي الفوري لإنقاذ المريض من مضاعفات خطيرة.
أما أعراض جلطة القلب، فتشمل ألمًا أو ضيقًا في منتصف الصدر، وثقلًا أو ألمًا ينتشر في الذراع الأيسر. وقد يصاحب ذلك تعرق مفاجئ غير مبرر، بالإضافة إلى ضيق في التنفس أو شعور عام بعدم الراحة في منطقة الصدر، مما يستدعي طلب المساعدة الطبية الطارئة على الفور.
كيف تحمي نفسك؟ الوقاية والتدخل السريع لإنقاذ الحياة
نعم، المشاعر السلبية القوية مثل الزعل الشديد والصدمات النفسية الحادة قد تؤدي إلى ما يُعرف بـ”متلازمة القلب المنكسر”. هذه الحالة قد تسبب خللاً وظيفياً في عضلة القلب أو حتى تحفز تكون جلطة مميتة، مما يؤكد العلاقة الوثيقة بين الصحة النفسية والجسدية.
يُعد عامل الوقت هو الأهم على الإطلاق في حالات الجلطات والسكتات القلبية والدماغية. فالدقائق والساعات الأولى التي تلي ظهور الأعراض تُعتبر “اللحظة الذهبية” لإنقاذ حياة المريض والحد من الأضرار المحتملة.
كل دقيقة تُهدر دون تدخل طبي تعني موت المزيد من خلايا القلب أو المخ، مما يزيد من احتمالية الوفاة أو الإصابة بإعاقة دائمة. التدخل السريع باستخدام الأدوية المذيبة للجلطات أو إجراء القسطرة قد يُنقذ المريض ويمنعه من التعرض لمضاعفات خطيرة ومستقبلية.
لا تستهينوا بأي عرض غير طبيعي أو ألم مفاجئ، وراجعوا الطبيب فورًا عند الإحساس بأي تغيرات غير مألوفة في أجسامكم. الوقاية خير من العلاج، فالوعي المبكر بالأعراض والمخاطر يمكن أن ينقذ حياة إنسان ويجنبه مضاعفات صحية خطيرة للغاية. رحم الله أحمد عامر وكل من رحلوا فجأة، ونسأل الله السلامة للجميع.