لأول مرة.. تضخم الصين يعاود الارتفاع منذ 5 أشهر

ارتفعت أسعار المستهلكين في الصين خلال يونيو الماضي للمرة الأولى منذ خمسة أشهر، في وقت تواصلت فيه وتيرة تراجع أسعار المنتجين بشكل حاد. يأتي هذا التطور وسط أجواء من الضبابية الاقتصادية، وتصاعد الحرب التجارية العالمية، وضعف الطلب المحلي، مما يعكس تحديات عميقة تواجه بكين في مساعيها لدعم النمو.

ارتفاع طفيف في أسعار المستهلكين

أظهرت بيانات «المكتب الوطني للإحصاء» الصيني أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع بنسبة 0.1% خلال يونيو الماضي مقارنة بالعام السابق. يعود المؤشر بذلك إلى النمو بعد أربعة أشهر متتالية من الانكماش، مما يشير إلى تحول طفيف في اتجاه الأسعار الاستهلاكية. كما سجل مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة، زيادة بنسبة 0.7% على أساس سنوي، وهو أكبر ارتفاع له منذ 14 شهرًا.

تفاقم انكماش أسعار المنتجين

سجلت أسعار المنتجين في الصين تراجعًا حادًا بنسبة 3.6% في يونيو مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. يُعد هذا الانخفاض الأكبر منذ ما يقارب عامين، ويعكس الضغوط التنافسية وتأثيرات حرب الأسعار المتصاعدة على الشركات. جاء تراجع مؤشر أسعار المنتجين أسوأ من التوقعات التي رجحت انخفاضًا بنسبة 3.2%، ليسجل المؤشر أكبر هبوط له منذ يوليو 2023. يذكر أن مؤشر أسعار المنتجين دخل في مسار انكماشي طويل منذ سبتمبر 2022، مما يؤثر سلبًا على أرباح الشركات وقرارات الاستثمار.

اقرأ أيضًا: وفر أكتر.. انخفاض مفاجئ لأسعار البيض اليوم الثلاثاء بالأسواق يكشفه موقع رسمي

الركود مستمر والتضخم بعيد

لا يزال الوقت مبكرًا للقول إن الصين قد خرجت من مرحلة الانكماش، وفقًا لتصريحات تشي وي تشانغ، رئيس وكبير الاقتصاديين في شركة «بينبوينت أسيت مانجمنت». يشير تشانغ إلى أن الزخم في قطاع العقارات لا يزال يضعف، كما أن حملة مكافحة المنافسة الداخلية “نيجوان” لا تزال في مراحلها الأولى. كانت أرباح الشركات الصناعية الصينية قد تراجعت بنسبة 9.1% في مايو، مقارنة بالعام الماضي، في أكبر انخفاض منذ أكتوبر الماضي، مما يؤكد الضغوط الكبيرة التي تواجهها القطاعات الإنتاجية.

تحفيز مؤقت وأزمة فائض مستمرة

جاء انتعاش الأسعار الاستهلاكية الشهر الماضي مدعومًا ببرنامج لتبديل السلع الاستهلاكية، تضمن تقديم إعانات على الأجهزة المنزلية والإلكترونيات والسيارات الكهربائية. لكن زي تشون هوانغ، الخبير الاقتصادي المختص بالصين في مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس»، حذر من أن هذا الدعم مرشح للانحسار خلال النصف الثاني من العام. أكد هوانغ أن التضخم الأساسي قد يتراجع مجددًا في حال استمرار مشكلة الفائض في المعروض، حيث تُبقي وتيرة المعروض السلعي التي تتجاوز الطلب على حرب الأسعار بين الشركات المصنعة قائمة.

صناع السياسات في الصين وجهوا انتقادات حادة للمنافسة السعرية المفرطة بين الشركات الصينية بهدف جذب المستهلكين وتصريف الفوائض في المخزون. تعهدت بكين بتشديد الرقابة على هذه الاستراتيجيات العدوانية في خفض الأسعار، والتي فشلت في تغيير سلوك المستهلك، وفي الوقت ذاته أضرت بشكل كبير بربحية الشركات. جاء ذلك وسط ضغوط متزايدة ناجمة عن تصعيد الرسوم الأمريكية، الذي بات يهدد قدرة الصين على التصدير إلى أكبر سوق استهلاكية في العالم.

اقرأ أيضًا: خبر يسعد ويحير.. استقرار أسعار اللحوم والبيض ومواد البناء، والذهب يرتفع اليوم.

صعوبة الخروج من دوامة الانكماش المستمرة تتطلب حوافز سياسية قوية، وفقًا للاري هو، كبير الاقتصاديين المعنيين بالصين في «ماكواري». أضاف أن الزخم الذي أبدته الصادرات الصينية في الأشهر الأخيرة حد جزئيًا من رغبة بكين في إطلاق تحفيز واسع للاستهلاك. من المتوقع أن يواصل صناع القرار الانتظار إلى حين تسجيل تراجع حاد في الصادرات قبل اتخاذ خطوات تحفيزية أوسع نطاقًا. كانت صادرات الصين قد أظهرت بعض الصمود في الأشهر الماضية، مدفوعة بزيادة كبيرة في الشحنات الموجهة إلى دول جنوب شرق آسيا، وهو ما عوّض جزئيًا تراجع الصادرات المتجهة إلى السوق الأمريكية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *