وفاء لقامة.. مسقط رأس محمد السيد إسماعيل يشهد تأبينه واحتفاء بمسيرة وبصمة لا تُنسى

نظمت الهيئة العامة لقصور الثقافة أمسية تأبين حاشدة للشاعر والناقد الكبير الدكتور محمد السيد إسماعيل، في مقر جمعية طحانوب للخير والتنمية بمحافظة القليوبية. جاءت الأمسية ضمن فعاليات وزارة الثقافة للاحتفاء برموز الإبداع، وشهدت حضوراً نوعياً من كبار الأدباء والمسؤولين، مستعرضةً مسيرته الغنية وإسهاماته العميقة في مجالات الشعر والنقد والمسرح.

تكريم قامة إبداعية بحضور كبار الأدباء

نظمت الهيئة العامة لقصور الثقافة هذه الأمسية التكريمية يوم الخميس الماضي، تحت رعاية اللواء خالد اللبان، رئيس الهيئة. تأتي هذه الفعالية الهامة في إطار التزام وزارة الثقافة بالاحتفاء الدائم بالرموز الفكرية والأدبية التي أثرت المشهد الثقافي المصري والعربي. شهدت الأمسية حضوراً مميزاً يعكس مكانة الراحل الكبيرة.

حضر الأمسية نخبة من كبار الأدباء والمسؤولين، على رأسهم الشاعر والباحث الدكتور مسعود شومان، رئيس الإدارة المركزية للشؤون الثقافية بالهيئة. كما شارك الفنان ياسر فريد، مدير فرع ثقافة القليوبية، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الشعراء والأدباء الذين حرصوا على وداع قامة أدبية فريدة.

اقرأ أيضًا: إنسي الدعك.. وداعي الطاسة المحروقة بخلطة سحرية تعيدها كالجديدة في 5 دقائق

استهل الشاعر والكاتب الصحفي مجدي صالح، الذي يرأس مجلس إدارة نادي أدب شبين القناطر، فعاليات الأمسية بكلمة افتتاحية مؤثرة. سلط صالح الضوء على مسيرة الدكتور محمد السيد إسماعيل الحافلة بالإنجازات، مؤكداً على إسهاماته الإبداعية والنقدية التي تركت بصمة واضحة في الوعي الثقافي.

عُرض خلال الأمسية عرض مرئي شامل لأبرز أعمال الراحل، اشتمل على مقتطفات من دواوينه الشعرية المتنوعة التي تغطي مراحل مختلفة من حياته الإبداعية. كما تضمن العرض لمحة عن مؤلفاته النقدية العميقة ونصوصه المسرحية المبتكرة، مما سمح للحضور بالتعرف على ثراء تجربته الفنية.

إشادات بموهبة رائدة وإرث خالد

أكد الدكتور مسعود شومان أن تجربة الدكتور محمد السيد إسماعيل الإبداعية تميزت بالأصالة والعمق في ميادين الشعر والنقد والمسرح على حد سواء. وصفه شومان بأنه كان صوتاً راسخاً ومؤثراً في المشهد الأدبي المصري والعربي، لما امتلكه من رؤية إبداعية ثاقبة وموهبة فذة لا مثيل لها.

اقرأ أيضًا: جهز رقم جلوسك.. نتيجة الشهادة الإعدادية بالشرقية 2025 الترم الثاني بالاسم ورقم الجلوس فور ظهورها

أوضح الدكتور شومان أن أثر الدكتور محمد السيد إسماعيل لم يقتصر على كتاباته وإبداعاته الأدبية فحسب، بل امتد ليلامس أجيالاً كاملة من الأدباء والشباب. كان الراحل داعماً وسنداً حقيقياً للكثيرين، مقدماً لهم التوجيه والإلهام، ومساهماً في بناء الحركة الثقافية الجديدة.

استعرض الفنان ياسر فريد، مدير فرع ثقافة القليوبية، ملامح سيرة الراحل الأدبية والإنسانية بشكل مؤثر خلال كلمته. أشاد فريد بعطاء الدكتور إسماعيل الكبير الذي أثرى الحركة الثقافية في مصر، واصفاً إياه بصاحب الروح الوديعة والعقل المبدع الذي لا يتوقف عن الإنتاج والعطاء.

عبّر الشاعر والكاتب طارق عمران عن الفقد الكبير الذي تركه رحيل الدكتور إسماعيل في قلوب محبيه والوسط الثقافي بأكمله. أشار عمران إلى حضور الراحل الطاغي ومحبة الجميع له، وقدرته الفريدة على الجمع بين المعرفة الواسعة وخفة الظل، مؤكداً أن الراحل كان بمثابة “موسوعة تمشي على الأرض” ومخلصاً للكتابة والإبداع حتى آخر لحظات حياته.

شهدت الأمسية أيضاً مشاركات شعرية مؤثرة من الشاعرين المتميزين محمد فوزي حمزة وأسامة الحبشي. قدما كلاهما قصائد رثاء حزينة ومعبرة، في وداع الدكتور محمد السيد إسماعيل، مما أضفى على الأمسية طابعاً من الشجن والتقدير لذكراه العطرة.

قدمت هذه الفعالية الهامة بإشراف مباشر من الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، لضمان أعلى مستويات التنظيم. أقامها كل من نادي أدب شبين القناطر وفرع ثقافة القليوبية بشكل مشترك، وجاءت ضمن برامج الهيئة الهادفة للاحتفاء الدائم برموز الأدب والفكر.

مسيرة حافلة بالعطاء: من ميلاده حتى رحيله

ولد الشاعر والناقد الكبير الدكتور محمد السيد إسماعيل عام 1962 في قرية طحانوب بمحافظة القليوبية، حيث ترعرع وتلقى تعليمه الأولي. تخرج في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة عام 1985، حيث نال شهادته الجامعية، ثم تابع مسيرته التعليمية ليحصل لاحقاً على درجتي الماجستير والدكتوراه في الدراسات الأدبية.

بدأ الدكتور محمد السيد إسماعيل مسيرته الشعرية والإبداعية في سن مبكرة جداً، تحديداً في عام 1977، ليكشف عن موهبة شعرية واعدة. عمل الراحل معلماً للغة العربية، وقد نشرت قصائده ودراساته النقدية في عدد كبير من الدوريات الأدبية المصرية والعربية، بالإضافة إلى مشاركاته الفعالة في العديد من المهرجانات الشعرية.

أصدر الدكتور محمد السيد إسماعيل خلال مسيرته الإبداعية الممتدة عدداً من الدواوين الشعرية البارزة التي لاقت استحساناً نقدياً واسعاً. من أبرز هذه الدواوين: “كائنان في انتظار البعث”، و”الكلام الذي يقترب”، و”استشراف إقامة ماضية”، بالإضافة إلى “تدريبات يومية”، و”قيامة الماء”، التي تعكس عمق تجربته الشعرية.

لم تقتصر إبداعات الدكتور إسماعيل على الشعر فحسب، بل امتدت لتشمل الكتابة المسرحية، حيث قدم عدداً من النصوص المسرحية المتميزة. من أهم أعماله المسرحية: “السفينة”، و”زيارة ابن حزم الأخيرة”، و”وجوه التوحيدي”، بالإضافة إلى “رقصة الحياة”، التي أظهرت قدرته على التنوع في الأجناس الأدبية.

في مجال النقد الأدبي، قدم الدكتور إسماعيل إسهامات بارزة من خلال كتب نقدية عميقة شكلت مرجعاً للباحثين والقراء. من أبرز مؤلفاته النقدية: “رؤية التشكيل”، و”الحداثة الشعرية في مصر”، و”غواية السرد”، التي تعكس رؤيته النقدية الثاقبة وقدرته على تحليل النصوص.

نال الدكتور محمد السيد إسماعيل تقديراً كبيراً عن مجمل أعماله الأدبية والنقدية، وحصد العديد من الجوائز المرموقة خلال مسيرته. من أبرز هذه الجوائز: جائزة الشارقة للإبداع العربي، وجائزة مجمع اللغة العربية في مجال النقد، إلى جانب جوائز أخرى في مجالي الشعر والنقد من الهيئة العامة لقصور الثقافة وصندوق التنمية الثقافية.

كُرم الدكتور إسماعيل أيضاً كأفضل ناقد أدبي في مؤتمر أدباء مصر، وهو ما يعكس مكانته المرموقة بين النقاد. اختير اسمه ضمن شعراء معجم البابطين، وتولى أمانة مؤتمر القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي، ليعزز دوره الريادي في المشهد الثقافي المصري، وقد رحل عن عالمنا في مايو الماضي تاركاً إرثاً أدبياً خالداً وحافلاً بالعطاء.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *