اختراق.. بكتيريا الأمعاء النافعة أمل جديد لعلاج السرطان دراسة حديثة تثير جدلاً

كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة كامبريدج أن أنواعاً معينة من بكتيريا الأمعاء الصحية قد تلعب دوراً محورياً في امتصاص المواد الكيميائية السامة وطرْدِها من الجسم. هذا الاكتشاف الواعد قد يقلل بشكل كبير من التأثير المسرطن والمدمر لمواد PFAS الخطيرة على صحة الإنسان.

اكتشاف علمي: بكتيريا الأمعاء تحارب السموم المسرطنة

تُعد مواد PFAS، المعروفة أيضاً بـ “الكيماويات الأبدية”، من أخطر الملوثات الكيميائية المنتشرة بشكل واسع في حياتنا اليومية. تُستخدم هذه المواد بشكل شائع في تصنيع الأواني غير اللاصقة، وعبوات الطعام، بالإضافة إلى بعض أنواع البلاستيك، وتتميز بقدرتها الفائقة على البقاء في الجسم والبيئة لعقود دون أن تتحلل طبيعياً، مما يجعلها تهديداً صحياً مزمناً.

أجرى الباحثون في جامعة كامبريدج تجربة دقيقة لتقييم دور بكتيريا الأمعاء في التعامل مع هذه المواد السامة. قام الفريق بجمع 38 سلالة متنوعة من بكتيريا الأمعاء البشرية وزرعها داخل فئران التجارب. هذا النهج المنهجي سمح لهم بمراقبة التفاعلات بين البكتيريا والمواد الكيميائية بدقة عالية داخل بيئة حية.

اقرأ أيضًا: كنز في بيتك.. اكتشفي 4 وصفات طبيعية بماء الأرز للقضاء على حب الشباب بفاعلية مذهلة

أظهرت النتائج، التي نشرتها صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، فروقاً واضحة بين الفئران. لوحظ أن الفئران التي احتوت أمعاؤها على السلالات البكتيرية المدروسة أخرجت نسبة أعلى بكثير من مواد PFAS عبر البراز، حيث وصلت هذه النسبة إلى 74% في غضون دقائق قليلة من التعرض لتلك المواد. هذه النسبة كانت مرتفعة جداً مقارنة بالفئران التي لم تتلق هذه البكتيريا.

أشار فريق البحث إلى أن هذه النتيجة المثيرة توضح آلية عمل فريدة، حيث تلتصق المواد السامة بالبكتيريا أثناء مرورها عبر الجهاز الهضمي، مما يسهل خروجها من الجسم بشكل فعال عبر الفضلات. هذا الالتصاق يمنع امتصاصها ووصولها إلى مجرى الدم والأعضاء الحيوية، مقللاً بذلك من آثارها الضارة.

ما هي مواد PFAS ولماذا تشكل خطراً صحياً؟

تُصنف مادة PFOA، وهي إحدى أبرز مواد PFAS، ضمن المجموعة الأولى من المواد المسرطنة وفقاً لتصنيف الوكالة الدولية لأبحاث السرطان. هذا التصنيف يؤكد خطورتها المؤكدة وقدرتها على إحداث السرطان لدى البشر، مما يدعو إلى قلق بالغ بشأن التعرض لها.

اقرأ أيضًا: عملوها إزاي؟! كاميرا مراقبة توثق تصرفًا صادمًا من عمال نظافة بالسعودية يشيب له الرأس

تنتمي مادة PFNA إلى المجموعة الثانية من المواد المسرطنة، مما يشير إلى احتمال تسببها بالسرطان أيضاً، وإن كان الدليل أقل قوة مقارنة بـ PFOA. هذه المواد، مجتمعة، تشكل تهديداً كبيراً للصحة العامة وتتطلب إجراءات وقائية عاجلة لتقليل التعرض لها.

تؤثر هذه المواد بشكل مباشر على الهرمونات في الجسم، مما يزيد من خطر الإصابة بأنواع السرطانات الحساسة للهرمونات، مثل سرطان الثدي والمبيض. بالإضافة إلى ذلك، ترتبط مواد PFAS بزيادة حالات العقم وتشوهات الولادة، مما يسلط الضوء على نطاق تأثيرها الواسع والمدمر على الجهاز التناسلي والصحة الإنجابية.

حلول واعدة: بكتيريا نافعة ومستقبل مكملات البروبيوتيك

أفاد الباحثون أن البكتيريا النافعة في الأمعاء أظهرت قدرة كبيرة على تقليل مستويات مواد PFAS السامة داخل الجسم. سجلت هذه البكتيريا انخفاضاً ملحوظاً في تراكم هذه المواد بنسبة تراوحت بين 25% و74%، مما يعد إنجازاً علمياً مهماً يفتح آفاقاً جديدة للوقاية والعلاج.

كما انخفضت نسبة مادة PFOA المسرطنة بشكل خاص بنسبة تراوحت بين 23% و58% بفضل نشاط هذه البكتيريا. هذه الأرقام تؤكد الفعالية العالية للبكتيريا في التخلص من أحد أخطر الملوثات الكيميائية، مما يوفر أملاً كبيراً في مكافحة تأثيراتها الصحية السلبية.

كانت سلالة Odoribacter splanchnicus من أبرز سلالات البكتيريا النافعة التي أظهرت فاعلية استثنائية في هذه الدراسة. تُعرف هذه البكتيريا بقدرتها على إنتاج مادة “البيوتيرات”، وهي حمض دهني قصير السلسلة يعزز المناعة ويحسن التمثيل الغذائي، مما يضيف بعداً آخر لفوائدها الصحية المحتملة.

يعمل الباحثون حالياً على تطوير مكملات بروبيوتيك تحتوي على هذه السلالات الواعدة من البكتيريا النافعة. تهدف هذه الخطوة المستقبلية إلى توفير وسيلة آمنة وفعالة للمساعدة في تقليل تراكم المواد السامة داخل جسم الإنسان، مما يوفر حلاً طبيعياً لمشكلة بيئية وصحية معقدة.

قال الدكتور كيران باتيل، المؤلف الرئيسي للدراسة، معبراً عن أهمية النتائج: “نظرًا لخطورة مواد PFAS وتأثيرها الكبير على الصحة، من المقلق أنه لا يتم بذل جهد كافٍ لإزالتها من أجسامنا. لكننا وجدنا أن بعض أنواع البكتيريا تمتلك قدرة استثنائية على امتصاصها وإخراجها، مما يفتح باباً جديداً لمواجهة هذا التحدي”.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *