دخلت شركتا وول مارت وأمازون، عملاقا التجارة الإلكترونية والتجزئة، في مواجهة تسويقية شرسة مع انطلاق فترات التخفيضات السنوية. اختارت الشركتان تنظيم حملاتهما الترويجية الكبرى في التوقيت نفسه، في خطوة تعكس تصاعد المنافسة بينهما للسيطرة على “جيوب” المستهلكين الأمريكيين، محاولتين تحقيق أقصى استفادة من هذه الفترة التسويقية الهامة.
حرب التخفيضات تشتعل بين عملاقي التجزئة
شنت شركتا وول مارت وأمازون حملات تخفيضات ضخمة بالتزامن، مما يبرز صراعاً متصاعداً بينهما على استقطاب المستهلك الأمريكي. قررت أمازون، التي تتخذ من سياتل مقراً لها، تأجيل فعالية “برايم داي” الرقمية السنوية إلى الثامن من يوليو الجاري، ليتزامن هذا الموعد مع توقيت تخفيضات وول مارت في العام الماضي. كما مددت أمازون مدة تخفيضاتها من يومين إلى أربعة أيام كاملة.
تجاوبت وول مارت مع هذه المنافسة بخطوة جريئة، حيث التزمت بموعد البدء نفسه لتخفيضاتها. تفوقت وول مارت على أمازون بتمديد فترة عروضها إلى ستة أيام متتالية، مما يوفر للمتسوقين فرصة أطول للاستفادة من الصفقات. وللمرة الأولى هذا العام، ستقام فعالية “عروض وول مارت” ليس فقط عبر الإنترنت، بل أيضاً داخل جميع متاجرها البالغ عددها 4600 متجر في الولايات المتحدة الأمريكية، لتشمل نطاقاً أوسع من المستهلكين.
صراع الهيمنة على سوق التجارة الإلكترونية
تتنافس عملاقتا التجزئة بشدة على ولاء المستهلك الأمريكي، بحسب تحليلات السوق. لطالما كانت أمازون المشغل الأكبر للتجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة، حيث تستحوذ على أكثر من أربعين بالمئة من إجمالي المبيعات عبر الإنترنت. هذا الموقع المهيمن يجعلها هدفاً رئيسياً للمنافسين الذين يسعون لتقليص حصتها السوقية.
تواجه أمازون منافسة متزايدة من وول مارت، التي تعد أكبر شركة تجزئة تقليدية في البلاد. كثفت وول مارت استثماراتها في البنية التحتية الرقمية، وهو ما انعكس على مبيعاتها الإلكترونية التي تشهد نمواً يتجاوز عشرين بالمئة سنوياً. وقد حققت وحدة التجارة الإلكترونية الأمريكية في وول مارت مبيعات بلغت 79 مليار دولار العام الماضي، مما يعكس تحولها القوي نحو العالم الرقمي.
أطلقت أمازون فعالية “برايم داي” لأول مرة في يوليو 2015، لتقدم لأعضاء برنامجها المدفوع “برايم” عروضاً حصرية على الإلكترونيات ومستلزمات العودة إلى المدارس. وقد حذت العديد من شركات التجزئة الأخرى حذوها، لدرجة أن حركة البيع بالتجزئة بعد عطلة الرابع من يوليو باتت الآن تتجاوز مبيعات “بلاك فرايدي” التقليدية في نوفمبر. ومن المتوقع أن تحقق فعالية “برايم داي” هذا العام مبيعات إجمالية بقيمة 23 مليار دولار أمريكي، تشمل إيرادات أمازون المباشرة ومبيعات بائعي الطرف الثالث، رغم ازدياد المنافسة من وول مارت وتارجت وبيست باي خلال هذا الحدث.
برامج الولاء ساحة جديدة للمنافسة
تسعى وول مارت، التي تتخذ من أركنساس مقراً لها، إلى منافسة “برايم” مباشرة من خلال برنامج “وول مارت+” الذي أطلقته قبل خمس سنوات. تقدم الشركة خلال فعالية التخفيضات خصومات كبيرة على الاشتراك في هذا البرنامج، بالإضافة إلى إتاحة الوصول المبكر للعروض بدءاً من السابع من يوليو لأعضائها. وهذا يعكس استراتيجية وول مارت لتعزيز ولاء العملاء وتقديم قيمة إضافية للمشتركين.
في المقابل، تؤكد أمازون أن برنامجها “برايم” لا يزال يتمتع بتفوق كبير، حيث تشير الدراسات إلى أن خدمة “برايم” من أمازون تفوق نظيرتها من وول مارت بثلاثة أضعاف من حيث عدد المستخدمين. هذا التفوق في قاعدة المشتركين يمنح أمازون ميزة تنافسية كبيرة في سوق برامج الولاء، مما يدفع وول مارت لمضاعفة جهودها لجذب المزيد من المشتركين.
كما صرح مسؤولون في شركات تجارية كبرى بأنهم بدأوا في التركيز بشكل أكبر على منصة وول مارت، معبرين عن سعادتهم بأن أمازون لم تعد مهيمنة كما كانت في السابق. يشير هؤلاء إلى أن ضغط هذه الأسواق الصغيرة قد غير سلوك أمازون بالكامل، وهو ما تستفيد منه شركات البيع من الطرف الثالث. وتعمل وول مارت على تحسين سرعة تسليم الطلبات، وزيادة مخزونها الإلكتروني إلى أكثر من 500 مليون منتج، إلى جانب الترويج لنفسها كشركة رائدة في التجارة الرقمية عالية التقنية، مما يعزز مكانتها كمنافس قوي في السوق.