تحل اليوم ذكرى رحيل الفنان الكبير عبد السلام النابلسي، أيقونة السينما المصرية الذي ترك بصمة لا تُمحى في تاريخها. برع النابلسي في تجسيد شخصية البطل الثاني ببراعة فريدة، مساهمًا في نجاح العديد من الأعمال السينمائية الخالدة في عصر الأبيض والأسود، ومقدمًا كوميديا راقية لا تزال محفورة في الذاكرة.
مسيرة فنية فريدة: من الصحافة إلى نجومية الشاشة
ولد الفنان عبد السلام النابلسي عام 1899، وهو فلسطيني الأصل نشأ في لبنان، وحمل ثلاث جنسيات عربية. انتقل إلى القاهرة في العشرينيات من عمره، حيث بدأ مشواره الفني بعد فترة عمل في مجال الصحافة. لقبه الجمهور بـ”الكونت” نظرًا لأصوله الأرستقراطية التي أضفت على صوته وشخصيته وأدائه أمام الكاميرا لمسة مميزة.
تميزت خفة ظل عبد السلام النابلسي وحضوره اللافت في مسيرته الفنية، فكانت عنصراً أساسياً في جذب الجمهور إليه. بدأ تجربة حظه في السينما بدور صغير بفيلم “وخز الضمير”، ثم قدم أول دور كوميدي في حياته من خلال فيلم “القناع الأحمر”. هذا الدور شكّل نقطة انطلاق لشهرته الواسعة كممثل كوميدي بارع.
ثنائيات خالدة وتألق في زمن الأبيض والأسود
برع عبد السلام النابلسي في تكوين ثنائيات فنية لا تُنسى على الشاشة، خاصة مع عمالقة الفن مثل إسماعيل ياسين وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش. قدم النابلسي مجموعة كبيرة من الأفلام الشهيرة التي تعد علامات فارقة في تاريخ السينما المصرية، مما رسخ مكانته كنجم لا يمكن الاستغناء عنه في أي عمل فني.
عاد الفنان عبد السلام النابلسي إلى لبنان عام 1962، وهناك واجه ظروفًا عصيبة في أواخر أيامه. تعرض لأزمات مالية حادة بعد إفلاس أحد بنوك بيروت، مما أثر سلبًا على إدارته لشركة “الفنون المتحدة للأفلام”. في الوقت نفسه، أصيب بمرض القلب، وتدهورت حالته الصحية سريعًا. توفي الفنان القدير إثر إصابته بأزمة قلبية حادة عام 1968.
النابلسي والحب المتأخر: زواج كسر القاعدة
تزوج الفنان عبد السلام النابلسي في مرحلة متأخرة من حياته، وهو على مشارف الستين. كان في السابق يعبر عن عدم رغبته في الزواج أو إنجاب الأطفال، معتبرًا ذلك “همًا” ومسؤولية كبيرة قد تعرقل مسيرته الفنية، وهو رأي تشاركه مع الفنان فريد الأطرش.
روى النابلسي في حوار سابق أنه كان يقول “لا توجد امرأة تستحقني”، حتى فوجئ باتصال من معجبة تعاتبه على هذا القول وتؤكد وجود نساء كثيرات يستحقون. هذا الاتصال قاده للقاء تلك المعجبة، حيث عرض عليها الزواج مباشرة قائلاً: “تزوجيني، هذه فرصتك ولا تضيعيها”.
واجه زواج النابلسي من هذه السيدة رفضًا شديدًا من أسرتها، بسبب فارق السن الكبير بينهما واختلاف الديانة، بالإضافة إلى طبيعة عمله كفنان. لكن الفنان عبد السلام النابلسي أصر على إتمام الزواج، ومع تعذر إقناع الأهل، لم يجد حلاً سوى “خطفها” والذهاب بها إلى منزل صديقه المقرب، ليكتبا فصلاً مميزًا في حياته الشخصية.