فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية على دول عدة استجابة لعجزها التجاري المتفاقم، الذي بلغ 1.2 تريليون دولار، بهدف تقليص الواردات والضغط للتفاوض على تخفيض الرسوم المتبادلة. وقد أوضح الخبير السعودي الدكتور فواز العلمي أن هذه الخطوة ستؤثر سلبًا على الاقتصادات المستهدفة وتزيد التضخم عالميًا، مع إمكانية تراجع التجارة العالمية بنسبة 2% هذا العام.
الرسوم الجمركية الأمريكية: الدوافع والأهداف
أوضح الدكتور فواز العلمي، الخبير السعودي في التجارة الدولية، أن قرار الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية على مجموعة من الدول يأتي بعد ارتفاع العجز التجاري الأمريكي إلى مستوى قياسي بلغ 1.2 تريليون دولار. هذا العجز أثار قلق الجانب الأمريكي، الذي أصبح سوقه أكبر مستورد في العالم، مما دفع الإدارة الأمريكية لفرض هذه الرسوم. وتهدف الإدارة الأمريكية من خلال هذه الرسوم إلى الحد من الواردات الأجنبية وتقليص العجز، إلا أن الهدف الرئيسي هو الضغط على الدول للتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن تخفيض حدة الرسوم الجمركية المتبادلة.
الدول المستهدفة وتأثيرات الرسوم الاقتصادية
بدأت الولايات المتحدة بالفعل بفرض رسوم جمركية بنسب متفاوتة على عدة دول. تتراوح هذه الرسوم من 25% على دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا وكازاخستان، وصولاً إلى 40% على دول مثل لاوس والبوسنة والهرسك. وتم تحديد رسوم بنسبة 30% على دول مثل جنوب إفريقيا وتونس، وقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الرسوم ستدخل حيز التنفيذ بدءًا من 1 أغسطس المقبل. بالإضافة إلى ذلك، هدد الرئيس ترامب بفرض رسوم إضافية بنسبة 10% على السلع الإندونيسية إذا قررت إندونيسيا فرض رسوم جمركية على السلع الأمريكية بنسبة 10%، مما يرفع الإجمالي إلى 42%.
تناول الدكتور العلمي التأثيرات المحتملة لهذه الرسوم على الاقتصادات المختلفة. ستؤثر الرسوم الجمركية بشكل كبير على اقتصادات الدول المستهدفة، سواء كانت قوية مثل اليابان وكوريا الجنوبية، أو نامية مثل لاوس وميانمار. كما ستؤدي هذه الرسوم إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق الأمريكية، لتشمل منتجات أساسية مثل قطع غيار السيارات وأشباه الموصلات والأدوية والآلات والألومنيوم. وبالنسبة للدول المستهدفة، فإن الزيادة في أسعار السلع الأمريكية ستؤثر على قدرتها الشرائية، وسترتفع تكلفة المنتجات الأمريكية التي يتم تصديرها إليها.
من المتوقع أن يتراجع النشاط في أسواق المال بالدول المستهدفة، وستشهد أسواق المال العالمية ارتفاعًا في التضخم. ستؤدي هذه التغيرات إلى تراجع في سلاسل الإمداد وتباطؤ في نمو التجارة العالمية، والذي من المتوقع أن يتراجع بنسبة 2% خلال العام الجاري. هذه التداعيات الاقتصادية الواسعة تعكس حجم التحديات التي ستواجهها الدول المتأثرة والاقتصاد العالمي ككل.
تمديد المهلة وآفاق المفاوضات التجارية
أفاد الدكتور العلمي بأن تمديد موعد تنفيذ الرسوم الجمركية من 9 يوليو إلى 1 أغسطس يهدف إلى منح الدول المستهدفة فرصة للتفاوض مع الولايات المتحدة حول الرسوم الجمركية المتبادلة. هذا التعديل يفتح المجال أمام دول مثل الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأخرى للتوصل إلى اتفاقات أو تسوية بشأن الرسوم المفروضة عليها. تمنح هذه المهلة الجديدة فرصة للحوار والتوصل إلى حلول دبلوماسية قبل بدء تطبيق الرسوم بشكل كامل.
أشار العلمي إلى أن مجموعة “بريكس”، التي تضم دولًا مثل الصين والهند وروسيا، قد تواجه تحديات كبيرة في التفاوض مع الولايات المتحدة. هذه الدول تسعى بشكل أكبر لتقليص اعتمادها على الدولار الأمريكي كعملة دولية، مما يجعل المفاوضات معها أمرًا أكثر صعوبة. كما أكد أن الدول التي تعتبر جزءًا من مجموعة “بريكس” قد لا تكون مستعدة للتفاوض بشأن هذه الرسوم، حيث إنها تميل إلى الابتعاد عن استخدام الدولار كأداة تداول دولية، مما يعقد أي محاولات للتوصل إلى حلول سريعة.