ثورة.. ذكاء اصطناعي يصمم منزلقات بحرية مستوحاة من الكائنات البحرية لتعزيز أبحاث المحيطات

طوّر باحثون من معهد MIT وجامعة ويسكونسن-ماديسون جيلًا جديدًا من الغواصات الصغيرة أو “المنزلقات المائية”، بتصاميم مستوحاة من الكائنات البحرية ومُحسّنة بالذكاء الاصطناعي. تهدف هذه الابتكارات لتعزيز كفاءة استكشاف المحيطات وتقليل استهلاك الطاقة بشكل كبير، مما يفتح آفاقًا جديدة للبحث العلمي تحت الماء بفعالية غير مسبوقة.

كيف غيّر الذكاء الاصطناعي تصميم الغواصات؟

يعمل الذكاء الاصطناعي على إعادة تعريف عملية تصميم المركبات البحرية، حيث اعتمد الباحثون على خوارزميات تعلم آلي متطورة لتوليد آلاف النماذج ثلاثية الأبعاد للمنزلِقات المائية. استلهمت هذه النماذج أشكالها من الكائنات البحرية الطبيعية، مثل أسماك القرش، بالإضافة إلى التصاميم التقليدية للغواصات، مما وفر قاعدة بيانات واسعة للابتكار.

قامت شبكة عصبية متخصصة بتقييم كل تصميم بدقة متناهية، مركزة على عامل أساسي وهو نسبة الرفع إلى السحب، الذي يعد المفتاح لكفاءة الانزلاق في الماء. بمجرد تحديد التصاميم المثلى التي تحقق أفضل أداء، جرى تصنيعها فوريًا باستخدام مواد خفيفة الوزن وتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد. هذا النهج المبتكر قلل بشكل كبير الحاجة إلى بناء نماذج أولية مادية باهظة التكلفة والوقت، مما سرّع دورة التطوير.

اقرأ أيضًا: أخيرًا.. Perplexity AI يثري تجربة واتساب بميزة الذكاء الاصطناعي التي طال انتظارها

نماذج متفوقة مستوحاة من الطبيعة

لإثبات فاعلية هذه التصاميم المدعومة بالذكاء الاصطناعي، قام الفريق ببناء واختبار نموذجين رئيسيين بشكل عملي. الأول كان يحاكي تصميم الطائرة التقليدي بجناحين، بينما استلهم النموذج الثاني شكله من السمكة المفلطحة التي تتميز بأربع زعانف، ليمثل نموذجًا أقرب إلى الطبيعة في حركته وانسيابيته تحت الماء.

جرت اختبارات شاملة للنموذجين في أنفاق هوائية متخصصة، وكذلك في بيئات مائية حقيقية لمحاكاة ظروف المحيط الفعلية. زُودت هذه النماذج بأجهزة داخلية متطورة، شملت وحدة تحكم بالطفو تعتمد على مضخة، ونظام لتحريك الكتلة الداخلية لتغيير زاوية الانزلاق بدقة حسب الحاجة. هذه المكونات ساعدت في التحكم بمسار المنزلقات بكفاءة عالية.

أظهرت النتائج الأولية لهذه الاختبارات العملية تفوقًا ملحوظًا للمنزلِقات الجديدة المستوحاة من الطبيعة على التصميم التقليدي الشبيه بالطوربيد. تفوقت هذه النماذج من حيث المسافة الكلية التي يمكنها قطعها، بالإضافة إلى كفاءتها العالية في استهلاك الطاقة، مما يؤكد جدوى التصميم بمساعدة الذكاء الاصطناعي لتحقيق أداء غير مسبوق.

اقرأ أيضًا: مفاجأة.. آبل توقف تطوير آيباد القابل للطي وتركز على أول آيفون فولد

مستقبل استكشاف المحيطات بتكلفة أقل

يمثل هذا المشروع نقطة تحول بارزة لأنه يفتح الباب أمام ابتكار تصاميم لم تكن ممكنة في السابق بفضل قدرات الذكاء الاصطناعي الهائلة. وأوضح بيتر ييشن تشين، الباحث البارز في معهد MIT وأحد قادة هذا المشروع، أن الأنماط الشكلية المتنوعة التي تم اختبارها لم تُدرس بهذا الشكل من قبل قط. وأكد أن النظام الآلي يتيح استكشاف أشكال معقدة يصعب على البشر تصميمها يدويًا، مما يوفر وقتًا وتكلفة كبيرين.

يعمل الفريق البحثي حاليًا على تطوير أجيال أكثر تقدمًا من هذه المنزلقات المائية، لتكون أنحف وأكثر قدرة على المناورة في البيئات البحرية المعقدة. كما يسعون لتحسين النظام الذكي المدمج فيها ليصبح أكثر مرونة في التكوين، مما يمكنه من التكيف مع مهام استكشافية متنوعة ومتغيرة. يرى الباحثون أن هذه المركبات المستوحاة من الطبيعة ستكون ضرورية للغاية لاستكشاف المحيطات في ظل التغيرات البيئية المتسارعة التي يسببها النشاط الصناعي البشري.

يأمل العلماء أن تساهم هذه التكنولوجيا الثورية في جمع بيانات بحرية أفضل وأكثر دقة حول التيارات المحيطية ونسب الملوحة وتأثيرات التغير المناخي على البيئة البحرية. هذه البيانات الحيوية ستمكن العلماء من فهم “الحدود الأخيرة لكوكب الأرض” بشكل أعمق، وتوفر لهم رؤى استراتيجية بطريقة أكثر استدامة ودقة لمواجهة التحديات البيئية المستقبلية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *