أحيت فرقة الإمارات الموسيقية حفلاً ناجحاً بمكتبة محمد بن راشد بدبي، مزجت فيه روح الموسيقى الخليجية الأصيلة مع الألحان المصرية العريقة. شهد الحفل حضور شخصيات بارزة وعشاق النغم، مقدماً تجربة فنية فريدة تعكس التراث الغني للمنطقة وتعزز مكانة الموسيقى الإماراتية، ومبشراً بخطوة جديدة في مسيرة الفرقة الفنية.
مزيج موسيقي ساحر وتراث أصيل
قدمت فرقة الإمارات الموسيقية حفلاً مميزاً، أول من أمس، على مسرح مكتبة محمد بن راشد في دبي. جمع الحفل أنغاماً من الإمارات والبحرين، إلى جانب أغنيات مصرية، مما أتاح للجمهور تجربة فنية ساحرة. تضمن الحفل تنوعاً غنياً في الألحان والتوزيع الموسيقي، مع الحفاظ على الطابع التراثي الأصيل لكل بلد قدمت منه الأعمال الفنية، ليعكس عمق التراث الموسيقي العربي.
شهد الحفل حضوراً كبيراً من الشخصيات الموسيقية الإماراتية البارزة، منهم عيد الفرج، مؤسس الفرقة، والملحن إبراهيم جمعة. حضر أيضاً الكثير من عشاق النغم الأصيل، مما أضفى على الأمسية طابعاً خاصاً يعكس الاهتمام المتزايد بالموسيقى التراثية في المنطقة. يبرز هذا الحضور أهمية الحدث في المشهد الثقافي بدبي.
افتتح الحفل بمعزوفة “النهر الخالد” للموسيقار محمد عبدالوهاب، تبعتها معزوفة “نورة” للمؤلف الإماراتي عبدالعزيز المدني. شارك في الأمسية ثلاثة من نجوم الغناء الخليجي: أحمد الرضوان، سيف العلي، وجاسم محمد، الذين أثروا الأجواء بأصواتهم. قدم الفنانون باقة مختارة من الأغاني الكلاسيكية الخليجية والمصرية، من ألحان كبار الملحنين في الموسيقى العربية.
شملت الأغنيات أعمالاً لألحان عيد الفرج، وأبوبكر سالم، وإبراهيم جمعة، مؤكدة التنوع الفني للحفل. غنى أحمد الرضوان أغنيتي “انته الفرح” و”بحر المحبة” من ألحان عيد الفرج، إضافة إلى رائعة محمد عبدالوهاب “كله ده كان ليه”. قدم هذه الاختيارات بعناية لتعكس المزيج الثقافي للحدث الفني.
واصل الفنان سيف العلي الأمسية بأغنية “ما علينا” لأبوبكر سالم، ثم انتقل لتقديم أغنية “صوت عربي” من التراث البحريني. اختتم مشاركته بأغنية “اليوهري” التي تمثل التراث الإماراتي الأصيل، مما أظهر التنوع الثقافي الغني للموسيقى في منطقة الخليج العربي. هذه الأغنيات عكست عمق الفن الإقليمي.
أبدع الفنان جاسم محمد في تقديم أغنية “لا تصيح تبغيه” بكلمات أحمد المري وألحان إبراهيم جمعة. كما شملت مشاركته أغنية “أجر الصوت” بكلمات عبداللطيف البناي وألحان أنور عبدالله. واختتم جاسم محمد فقرته بأداء أغنية “بتلوموني ليه” التي أداها الراحل عبدالحليم حافظ، بكلمات مرسي جميل وألحان كمال الطويل، لتضفي لمسة كلاسيكية مصرية.
أهداف ثقافية وطموحات فنية
أعرب عبدالعزيز المدني، مدير فرقة الإمارات الموسيقية، عن سعادته ببدء الفرقة خطوة جديدة لنشر الوعي والثقافة من خلال مكتبة محمد بن راشد. وصف المدني المكتبة بأنها صرح عظيم لا يقتصر دورها على الكتب، بل يشمل الأنشطة الفنية والثقافية والتحف الأثرية، معتبراً تقديم الحفل على مسرحها إنجازاً مهماً للفرقة.
أكد المدني أن الحفل يهدف إلى تلبية ذوق الجمهور، حيث جمع بين الألوان الموسيقية الخليجية والمصرية. اكتسب الحفل أهمية كبيرة، خاصة أنه جاء بعد توقف طويل للفرقة عن تقديم الفعاليات الموسيقية. هذا التوقف جعل الحفل نقطة تحول بارزة في مسيرة الفرقة ونشاطها الثقافي والفني.
أوضح المدني أن عملية انتقاء الأغنيات ركزت على اختيار أعذب الألحان المعروفة في الخليج العربي. شدد على أن فرقة الإمارات الموسيقية هي الفرقة الوحيدة المعتمدة من وزارة الثقافة، مما يضع على عاتقها مسؤولية كبيرة في نشر الثقافة الموسيقية والحفاظ على الهوية الإماراتية. يتميز هذا الدور بكونه ذا طابع ثقافي في المقام الأول.
تحدث المدني أيضاً عن مبادرة تأسيس “أوركسترا دبي”، مؤكداً أن هذا الإعلان جلب فرحة كبيرة للعاملين في المجال الفني. ينتظر الجميع الهيكلة الإدارية والموسيقية لهذه الأوركسترا. يرى المدني أن دعم الحكومة للفن يعني أن “الموسيقى بخير”، مبدياً تفاؤلاً كبيراً بمستقبل المشهد الموسيقي في الإمارة.
الفنانون والمايسترو: رؤى وتحديات
شارك الفنان الإماراتي سيف العلي في الغناء خلال الحفل، وأشار إلى انضمامه للفرقة قبل عشر سنوات. بدأ العلي مسيرته الفنية منذ الصغر بدعم من والده الذي كان مغنياً، إضافة إلى بيئة داعمة للموسيقى. أكد العلي أن أهم ما اكتسبه من الفرقة هو الحفاظ على الهوية الإماراتية والتراث وحمايتهما من الاندثار، مشيراً إلى رسالة الفرقة الهامة في هذا الجانب.
أضاف العلي أن الحفاظ على الهوية الإماراتية يتم عبر استراتيجية تهدف إلى تطوير التراث والأعمال الكلاسيكية بأسلوب مميز لتقديمها بشكل أفضل. أوضح أن الموسيقى الافتتاحية للحفل، وهي من توقيع الموسيقار محمد عبدالوهاب، تبرز سعي الفرقة للمزج بين النغم الخليجي والعربي. يرى العلي أن هذا التنويع يحمل أهمية كبيرة في مجال الموسيقى ويفتح آفاقاً جديدة.
يرى سيف العلي أن الحفل الذي أقيم في مكتبة محمد بن راشد يحمل نكهة خاصة. يرجع ذلك إلى تقديمه بين جنبات هذا الصرح الحضاري العظيم، مما يضفي عليه قيمة إضافية. أكد العلي أن معظم الأغنيات المختارة للحفل تتمتع بطابع مميز، كما قدم أغنية “اليوهري” التي تمثل قالباً فنياً إماراتياً يتميز بالموال والإيقاع الخاص.
قاد المايسترو أحمد طه حفل فرقة الإمارات الموسيقية في مكتبة محمد بن راشد. أكد طه أن الفرقة تتمتع ببرنامج فني واسع، مما يسهل عليها اختيار الأغنيات المناسبة لأي حفل. لفت إلى تعمده التنويع بين الأغنيات الخليجية والعربية في برامج الفرقة، بهدف إرضاء أذواق جماهيرية متنوعة وتقديم تجربة غنية.
أوضح المايسترو أحمد طه أنه يختار الأغنيات بناءً على قدرات وأصوات الفنانين المشاركين، بالتشاور المستمر مع عيد الفرج. يواصل عيد الفرج، الداعم الرئيسي للفرقة، وضع بصماته الخاصة على أعمالها، مما يضمن استمرارية تميزها الفني. أشاد طه بدعم وزارة الثقافة للفرقة، ودعوتها لتمثيل الدولة في حفلات خارجية، معتبراً رضا الجمهور التحدي الأساسي في كل حفل.