نهاية مبكرة.. الإخوان و«مركز ميونخ»: تفاصيل الشراكة الأولى تحمل دلالات الفشل

تشهد المانيا تحولا بارزا في سياسة التعامل مع جماعة الاخوان المسلمين بعد ان بدات ولاية بافاريا بخطوات جادة نحو تصنيفها كتنظيم متطرف. هذه الخطوة تمثل نقطة تحول كبرى لمسار جماعة كان لها حضور تاريخي عميق في البلاد وتحديدا في مدينة ميونخ جنوب المانيا حيث شهدت اولى خطواتها قبل عقود. ياتي هذا التطور بعد سنوات طويلة اعتبرت فيها السلطات الالمانية الجماعة ضمن الاطار القانوني، لكن الادارة المحلية في ميونخ تقود الان مسارا جديدا يهدف الى مواجهة نشاطها الفكري والتنظيمي بشكل صريح وواضح.

تغلغل تاريخي ونفوذ متنام

بدات قصة جماعة الاخوان في المانيا منذ عقود حيث شكلت البلاد اولوية استراتيجية لهم. استقرت تحركات الجماعة مع وصول قيادات بارزة مثل المصري سعيد رمضان صهر مؤسس الاخوان حسن البنا، والقيادي السوري عصام العطار. تزامن ذلك مع تشييد المركز الاسلامي في ميونخ اواخر خمسينات القرن الماضي. كشفت تقارير هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) ان المركز الاسلامي في اخن، والمركز الاسلامي في ميونخ، ومسجد طيبة في برلين، ومركز ابوبكر في كولونيا، هي من ابرز منظمات الصف الثاني ضمن شبكة الاخوان المنتشرة. اكتسبت الجماعة موطئ قدم نهاية خمسينات القرن الماضي بعد ان فرض سعيد رمضان نفسه على لجنة بناء المركز الاسلامي بميونخ التي كانت قيد التشكيل.

هيكل تنظيمي متجذر وامتداد واسع

في عام 1960 اسست الجماعة اهم منظمة لها في المانيا وهي منظمة المجتمع الاسلامي. هذه المنظمة نشات على هامش لجنة بناء المركز الاسلامي في ميونخ وتحول اسمها لاحقا في 2018 الى منظمة الجالية المسلمة الالمانية. تمتلك المنظمة حاليا 340 عضوا وعدد كبير من الداعمين. في 1967 تم وضع حجر الاساس للمركز الاسلامي في ميونخ الذي حمل اسم المدينة. يظهر تقارير هيئة حماية الدستور ان منظمة الجالية المسلمة الالمانية هي من اسست المركز الاسلامي في ميونخ، مما يؤكد علاقته الوثيقة بالاخوان. تناوب على ادارة هذه المنظمة قيادات عليا في الجماعة مثل سعيد رمضان الذي اسس المركز، والمرشد السابق محمد مهدي عاكف. بالاضافة الى المركز الاسلامي في ميونخ، تتعاون الجالية المسلمة الالمانية حاليا مع 50 منظمة اصغر وعشرات المساجد وغرف الصلاة في جميع انحاء البلاد. تشير الاحصاءات الاتحادية الى تزايد ملحوظ في عدد العناصر الاساسية للاخوان المسلمين في المانيا، حيث بلغ 1450 عنصرا في 2020 مقارنة بـ 1040 في 2018.

اقرأ أيضًا: لغز.. مركبة ناسا “بيرسيفيرانس” تبدأ استكشاف صخرة مريخية “غريبة”

نقطة تحول: تصنيف التطرف وتبعاته

لفترة طويلة صنفت السلطات الالمانية جماعة الاخوان ضمن ما يعرف “بالطيف القانوني”. كانت التقارير السابقة تشير الى ان الجماعات الاسلامية تعمل بشكل قانوني في المانيا وتسعى لتغيير النظام الاجتماعي والسياسي على المدى الطويل. لكن هذا النهج بدا يتغير الان. ميونخ التي كانت اول محطات الاخوان في المانيا، هي الان بؤرة انطلاق خطوات تصنيف الجماعة “متطرفة”. تعمل وزارة الداخلية في بافاريا على تدشين سجل خاص بالمنظمات المتطرفة او المتاثرة بالتطرف. من المنتظر ان تشمل هذه القائمة جماعة الاخوان بالاضافة الى حركات واحزاب يمينية ويسارية متطرفة. يمنع هذا التصنيف اعضاء هذه المنظمات من العمل في المؤسسات العامة مثل المدارس والشرطة والقضاء، اذ انه “لا مكان لاعداء الدستور في الخدمة العامة”. يرى مراقبون ان هذه الخطوة ستجد صدى في الولايات الالمانية الاخرى وعلى المستوى الاتحادي، مما يدشن مسارا جديدا للتعامل مع الاخوان، ليس كشريك حوار، بل كمنظمة متطرفة معادية للدستور.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *