تشهد الساحة التجارية العالمية توتراً متصاعداً بين قوى اقتصادية كبرى، يضع قطاع الأجهزة الطبية في قلب صراعات تجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي، بينما تلوح تهديدات بفرض رسوم جمركية أميركية على المنتجات الأوروبية، بما في ذلك الأدوية الحيوية. يؤكد خبراء أن هذه التطورات قد تؤثر سلباً على سلاسل الإمداد وتزيد من تكاليف الرعاية الصحية عالمياً.
تصاعد التوتر التجاري بين الصين وأوروبا
يشهد العالم حالياً توتراً تجارياً متزايداً بين الصين والاتحاد الأوروبي، مدفوعاً بمخاوف أوروبية من اتساع النفوذ الصيني في قطاع الأجهزة الطبية. وصف الاتحاد الأوروبي هذا التوسع بأنه تهديد استراتيجي متزايد لمصالحه الاقتصادية. تضاعفت صادرات الصين من الأجهزة الطبية إلى أوروبا بشكل ملحوظ بين عامي 2015 و2023.
فرض الاتحاد الأوروبي قيوداً على الواردات الصينية في هذا القطاع، شملت العقود التي تتجاوز قيمتها 5 ملايين يورو (ما يعادل 5.7 مليون دولار أميركي). يرى الاتحاد الأوروبي أن المنافسة مع الصين غير عادلة، حيث تقدم الحكومة الصينية دعماً واسعاً لشركاتها المحلية، مما يصعب على الشركات الأوروبية منافستها بشكل مباشر في الأسواق العالمية.
جاء الرد الصيني محسوباً عبر بيانين رسميين؛ أحدهما صادر عن وزارة المالية يفرض قيوداً على مشتريات الأجهزة الطبية الأوروبية التي تتجاوز قيمتها 45 مليون يوان (حوالي 6.3 مليون دولار أميركي). بينما دعا بيان آخر من وزارة التجارة الشركات الأوروبية للاستثمار داخل الصين مقابل إعفاءات من الرسوم، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على العلاقات مع أوروبا وعدم خسارة شريك استراتيجي مهم.
مفاوضات تجارية حاسمة بين واشنطن وبروكسل
لا يقتصر التركيز العالمي حالياً على العلاقة بين بروكسل وبكين، بل يمتد أيضاً إلى المفاوضات التجارية الجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. تأتي هذه المفاوضات مع اقتراب المهلة النهائية التي حددتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في التاسع من يوليو الجاري. هناك شعور إيجابي يسود بأن الطرفين سيتوصلان إلى اتفاق قريب.
أكد الجانب الأميركي وجود مفاوضات متقدمة، فيما لا يزال الاتحاد الأوروبي يتوقع ألا تتجاوز نسبة الرسوم المتفق عليها 10%، ولن تصل إلى 50% كما يُشاع. بلغت الرسوم الجمركية الأميركية التي كانت مفروضة على المنتجات الأوروبية 20% في السابق، لكنها حالياً عند 10% بعد تجميد جزئي. في حال عدم التوصل لاتفاق، قد ترتفع هذه الرسوم مجدداً إلى 50%، لتشمل جميع المنتجات بما في ذلك الأجهزة الطبية.
الأدوية الأوروبية في مرمى نيران الرسوم
كشف الدكتور محمد توفيق، الباحث والخبير في سوق الدواء والرعاية الصحية، أن الرئيس ترامب لمح إلى قرب فرض رسوم على قطاع الأدوية الأوروبي. وصف الخبير الأمر بأنه “وشيك جداً” بتصريحه “Very soon”، ما يشير إلى أن فرض رسوم على الأدوية الأوروبية أمر محتمل بقوة، وقد يصبح واقعاً قريباً جداً.
حذر الدكتور توفيق من أن مثل هذه الإجراءات ستؤثر سلباً على سلاسل الإمداد العالمية بشكل كبير. قد تؤدي هذه الرسوم إلى ارتفاع أسعار الأدوية وصعوبة وصولها للمرضى في مناطق مختلفة من العالم. يتمنى خبراء السوق ألا يتم الوصول إلى هذا السيناريو، لأن تأثيره سيكون شديداً على كل من المرضى والشركات العاملة في القطاع الصحي على حد سواء.