تلوح في الافق بوادر امل بشان ابرام اتفاق محتمل لوقف اطلاق النار واطلاق سراح الرهائن في قطاع غزة، عقب تصريحات متفائلة للرئيس الامريكي دونالد ترامب. فلقد اشار ترامب الاحد الى وجود فرصة جيدة لتحقيق هذا الاختراق الهام مع حركة حماس خلال الاسبوع الجاري. ويعد هذا التطور نقطة تحول مفصلية في مساعي انهاء الصراع المستمر، ويحمل في طياته امكانية تحرير عدد كبير من المحتجزين، مما يبعث برسالة ايجابية للعائلات المنتظرة التي ترقب الاحداث بترقب بالغ.
مساعي امريكية مكثفة
من المتوقع ان يترأس البيت الابيض اليوم الاثنين اجتماعا حاسما يجمع الرئيس الامريكي دونالد ترامب برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو. هذا اللقاء، وهو الثالث بين الزعيمين منذ عودة ترامب الى سدة الحكم مطلع العام الجاري، ياتي في وقت حرج حيث تتصاعد الضغوط الدولية لانهاء الحرب في غزة. مصادر امريكية واسرائيلية اشارت الى ان ترامب يدفع بقوة نحو التوصل الى اتفاق يضع حدا للعمليات العسكرية، وهو مطلب قد يضعف موقف حكومة نتنياهو الهشة نظرا لتداعياته السياسية الداخلية. ومع ان الرئيس الامريكي قد تحدث عن وقف اطلاق النار في لقاء سابق خلال ابريل الماضي، الا ان لهجته هذه المرة تبدو اكثر حزما وعزما على انجاز تقدم ملموس على ارض الواقع.
وفود التفاوض في الدوحة
بالتزامن مع هذه التطورات الدبلوماسية رفيعة المستوى، وصلت بعثة تفاوض اسرائيلية الى العاصمة القطرية الدوحة، للمشاركة في جولة جديدة من المباحثات غير المباشرة. وقد كشفت القناة 12 الاخبارية الاسرائيلية تفاصيل حول تشكيل هذا الوفد، الذي يضم شخصيات امنية وسياسية بارزة ذات ثقل في دوائر صنع القرار. من بين اعضاء الوفد نائب رئيس جهاز الشاباك، ومنسق ملف الاسرى والمفقودين غال هيرش، بالاضافة الى المستشار السياسي لرئيس الوزراء اوفيك فالك. كما تشارك في الوفد ممثلون عن الجيش الاسرائيلي وجهازي الموساد والشاباك، مما يؤكد جدية المساعي الاسرائيلية لايجاد حل. وتجرى المفاوضات بطريقة غير مباشرة، حيث يتواجد وفد حماس في غرفة ووفد اسرائيل في غرفة اخرى ضمن نفس المبنى، بينما يقوم مسؤولون مصريون وقطريون بدور الوسطاء لنقل الرسائل بين الطرفين، في محاولة لتقريب وجهات النظر.
نقاط خلاف رئيسية
تتركز جولة المفاوضات الحالية على تعديلات اساسية طلبتها حركة حماس، والتي سبق ان رفضتها اسرائيل، بالاضافة الى وضع اليات واضحة لتنفيذ الاطار العام للاتفاق. ومع ان حماس لم تعلن رسميا عن تفاصيل مطالبها، الا ان وسائل اعلام اسرائيلية كشفت عن ثلاث نقاط جوهرية قد تشكل عوائق امام الاتفاق. اولا، تطالب حماس بان تتولى الامم المتحدة مسؤولية ادارة نظام ايصال المساعدات الانسانية في قطاع غزة بشكل كامل، رافضة ان تكون “مؤسسة غزة الانسانية” المدعومة اسرائيليا وامريكيا جزءا من هذه العملية الحيوية. ثانيا، تشترط حماس انسحاب الجيش الاسرائيلي الى المواقع التي كان يتمركز بها قبل تاريخ الثامن عشر من مارس الماضي. ثالثا، تسعى حماس للحصول على التزام امريكي اقوى بضمان عدم استئناف اسرائيل للحرب من جانب واحد بعد فترة ستين يوما من دخول الاتفاق حيز التنفيذ، وذلك لضمان استدامة اي هدنة.
موقف اسرائيل من الانسحاب
تعد نقطة الانسحاب الى مواقع ما قبل الثامن عشر من مارس الماضي هي الاكثر تعقيدا وصعوبة في المفاوضات، وفقا لوسائل الاعلام الاسرائيلية، اذ انها تمثل نقطة خلاف جوهرية بين الطرفين. ففي ذلك التاريخ انهار اول وقف لاطلاق النار هذا العام، مما يجعل هذا المطلب حساسا للغاية وينطوي على ابعاد امنية واستراتيجية. وبينما تبدي اسرائيل استعدادا للقبول بالانسحاب من مناطق شمال ووسط قطاع غزة الى المواقع المحددة قبل ذلك التاريخ، فانها تتمسك بشدة بالبقاء في منطقة رفح جنوب القطاع. وياتي هذا الاصرار بشكل خاص على منطقة محور موراج، الذي يفصل مدينة رفح عن خانيونس، مما يشير الى الاهمية الاستراتيجية التي توليها اسرائيل لهذا الموقع الحيوي. هذه النقاط الخلافية تستلزم جهودا دبلوماسية مكثفة وتنازلات من الطرفين للوصول الى توافق نهائي يحقق الاستقرار المنشود لشعب يعاني من ويلات الحرب.