دعوة حاسمة.. رئيس الوزراء: توفير التمويل الميسر للدول النامية شرط أساسي لتحقيق التنمية

ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، اليوم كلمة مصر نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي في قمة مجموعة “بريكس” بالبرازيل. ركزت الكلمة على التحديات العالمية الراهنة، أبرزها الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، بالإضافة إلى دور المجموعة المحوري في تعزيز السلام والأمن وإصلاح الحوكمة العالمية.

مصر تؤكد على خطورة الأوضاع الدولية وضرورة وقف الحرب في غزة

شارك رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي في الجلسة الافتتاحية لقمة مجموعة “بريكس” السابعة عشرة التي تستضيفها مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية. استهل مدبولي كلمته التي جاءت تحت عنوان “السلام والأمن وإصلاح الحوكمة العالمية” بتقديم تقديره للرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا على حسن الضيافة والتنظيم الممتاز، ورحب بالرئيس برابوو سوبيانتو، رئيس إندونيسيا، الذي ينضم إلى القمة لأول مرة. أشار مدبولي إلى أن الرئيس السيسي لم يتمكن من الحضور شخصيًا لارتباطه بالتزامات تتعلق بالوضع الراهن في الشرق الأوسط.

عقدت هذه الدورة من قمة “بريكس” في توقيت بالغ الدقة، حيث تواجه فيه دول العالم تحديات متعددة ومعقدة. تشمل هذه التحديات التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، والتهديدات المستمرة للسلام والأمن، بالإضافة إلى سلسلة من النكسات الاقتصادية غير المسبوقة، وتزايد الإجراءات الحمائية التجارية، وارتفاع مستويات الديون التراكمية، والتأثيرات المتزايدة لتغير المناخ. وفوق كل ذلك، تقف الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة كأبرز هذه التحديات.

اقرأ أيضًا: عاجل.. رئيس الوزراء يسلم عددا من عقود وحدات “سكن لكل المصريين” بأكتوبر الجديدة

دعوات مصرية لوقف فوري لإطلاق النار ورفض تهجير الفلسطينيين

تعتبر الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة أخطر أزمة في الوقت الراهن، وقد استمرت لما يقرب من عامين. أسفر هذا العدوان عن استشهاد أكثر من 55 ألف مدني فلسطيني، يشكل الأطفال والنساء ثلثي هذا العدد، إضافة إلى إصابة ما يقرب من 125 ألف شخص. أكد رئيس الوزراء أن هذه المأساة هي نتاج لانتهاك إسرائيل المستمر للقانون الدولي والإنساني، مشيرًا إلى استمرار الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، واستمرار أنشطة الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.

بذلت مصر جهودًا مكثفة، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، للتوصل إلى وقف إطلاق النار الذي جرى التوافق عليه في الخامس عشر من يناير الماضي. إلا أن العدوان الإسرائيلي المتواصل على المدنيين جاء بمثابة انتهاك واضح لهذا الاتفاق. شدد رئيس الوزراء على ضرورة إعادة تفعيل وقف إطلاق النار، داعيًا إلى وقف فوري للأعمال العدائية من جانب إسرائيل، التي يجب أن تلتزم بالقانون الإنساني الدولي وتضمن حماية المدنيين.

أكد الدكتور مصطفى مدبولي رفض مصر القاطع لأي خطط لتهجير أو نقل سكان غزة الفلسطينيين بعيدًا عن وطنهم، مشددًا على أن مثل هذه المقترحات تهدد حل الدولتين والسلام في المنطقة بأسرها. دعا مدبولي دول “بريكس” إلى دعم الخطة العربية الإسلامية بشأن التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة، التي تؤكد على إمكانية تطبيق عملية إعادة الإعمار مع بقاء الفلسطينيين في وطنهم. كما دعا الدول للمشاركة في المؤتمر الدولي للتعافي المبكر وإعادة الإعمار الذي تعتزم مصر تنظيمه بمجرد التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار.

اقرأ أيضًا: بلاش الغلطة دي.. تفاصيل عقوبات ذبح الأضاحي في الشارع قبل العيد

أولويات مجموعة بريكس نحو تعاون اقتصادي عالمي

أشار رئيس الوزراء إلى أن لبنان وسوريا شهدا عدوانًا إسرائيليًا صارخًا، كما امتدت الحرب الإسرائيلية لتطال إيران، ما يمثل تصعيدًا إقليميًا بالغ الخطورة. هذا التصعيد يعد انتهاكًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وتهديدًا مباشرًا للسلم والأمن الدوليين. شدد مدبولي على أهمية حل الأزمات والصراعات بالطرق الدبلوماسية، مؤكدًا على الدور المحوري المتزايد لمجموعة “بريكس” في النظام الدولي في ضوء هذه الأزمات والتحديات.

سلط رئيس الوزراء الضوء على عدد من الأولويات لمجموعة “بريكس”، والتي تتمثل في تسريع التعاون والتكامل المشتركين لمواجهة التحديات الراهنة. يتجسد ذلك في تنفيذ مشروعات مشتركة عبر مختلف القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك مجالات الطاقة والتصنيع والبنية التحتية، إضافة إلى التقنيات الناشئة والابتكار، وخاصة الذكاء الاصطناعي. تولي المجموعة أهمية بالغة لتعزيز التعاون الاقتصادي والمالي والنقدي، لا سيما بين البنوك المركزية، وضرورة إحراز تقدم في تمكين التسويات المالية بالعملات المحلية، بما يتماشى مع مبادرة “بريكس” للمدفوعات عبر الحدود، وزيادة التمويل المقدم من بنك التنمية الجديد بالعملات المحلية.

أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن توفير التمويل الميسر ونقل التكنولوجيا إلى الدول النامية يعد شرطًا أساسيًا لتحقيق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر. تؤمن مصر بضرورة أن تعمل مجموعة “بريكس” بفعالية على تحسين آلية الدين الدولي لدعم استدامة الديون، بالإضافة إلى دعم إصلاح النظام المالي العالمي لتلبية احتياجات وأولويات الدول النامية. يجب أن يضمن هذا الإصلاح استجابة نماذج الأعمال والقدرات التمويلية للاحتياجات الخاصة للدول النامية، ومن المهم أيضًا تعزيز الحوكمة الاقتصادية العالمية وزيادة المشاركة في عملية صنع القرار. يكمن التأثير الحقيقي لمجموعة “بريكس” في قدرتها على خلق المساحة والرؤية اللازمتين لتحقيق المصالح المشتركة، وهو ما يلبي آمال وتطلعات شعوبنا لمستقبل مزدهر.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *