هل يظهر رئيس لبنان .. 9 يناير؟

هل تعقد جلسة «انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية»؟ ما الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري مع بداية العام الجديد (9 كانون الثاني 2025)، هل هي الدورة الـ13 في سلسلة الدورات الانتخابية (العقيمة)؟ بمعنى آخر، هل تكرر هذه الجلسة سيناريو فشل سابقاتها أم أنها ستكون فعلا خطوة حاسمة في انتخاب رئيس جديد للبنان؟ ويكتسب السؤال أهمية متزايدة في ظل الدلائل العديدة على تغير الوضع السياسي بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، على الرغم من الانتهاكات التي التزمت الدول المعنية بإزالتها.
قبل أن نبحث عن أجوبة لهذه الأسئلة، لا بد من العودة إلى الجلسة الانتخابية الأخيرة في 14 يونيو 2023. وأظهرت هذه الجلسة انقساما نيابيا حادا، إذ توزعت الأصوات بين (59) مرشحا سليمان فرنجية وجهاد أزعور. 51)، وهو ما يعكس توازناً دقيقاً في المشهد البرلماني. ومنذ ذلك الحين، امتنع بري عن الدعوة إلى فترة تشريعية جديدة، واشترط إجراء حوار مسبق في مجلس النواب خلال فترة رئاسته. وبرر لاحقا تأجيل اللقاءات بظروف الحرب وأولويتها المطلقة، مؤكدا أن انتخاب رئيس للجمهورية لا يتم إلا بوقف إطلاق النار.
واليوم، ومع توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، لم يعد أمام رئيس مجلس النواب سوى الالتزام بوعده، وهو ما دفعه إلى تحديد موعد جديد للجلسة الانتخابية.

لكن ما الذي يعزز التفاؤل بإمكانية انتخاب رئيس جديد في هذه الدورة (9 كانون الثاني/يناير)؟ وما أسباب الاعتقاد بأنها قد تفشل مثل سابقاتها؟ أسباب الاعتقاد بانتخاب رئيس للبنان في التاسع من كانون الثاني المقبل، وأنه سيكون يوما تاريخيا لا ينسى:
أولاً، نجح بري في الإيحاء بأن الانتخابات الرئاسية التي ستحمل الرقم 13 ستكون جادة ومثمرة. لأنه سيكون تحت اهتمام سفراء الدول، وخصوصاً دول «الخماسية».
وعندما سئل عن الطريقة التي يتصرف بها الثنائي الشيعي (حزب الله) و(حركة أمل) وفقا لتعليمات الرئيس المقبل بناء على التطورات الحالية، أوضح أنه ليس بالضرورة أن يكون قريبا من (الحركة) و( الحزب)… «ولكن المهم ألا يكون معاديًا لهم أو لأي طرف آخر».

اقرأ أيضًا: رواتبك في إيدك.. الطريقة الرسمية لاستعلام معاشات المتقاعدين في العراق يونيو 2025

ثانياً، تمثل عملية انتخاب الرئيس جزءاً غير معلن من اتفاق وقف إطلاق النار والاتفاقات الفرعية التي تم التوصل إليها، وأهمها الاتفاقات الأميركية الإسرائيلية بشأن ضمانات التنفيذ وآلياتها، فضلاً عن الاتفاقيات الأميركية اللبنانية بشأنها. خيانة إعادة تشكيل السلطة المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين قال إن الاتفاق لم يقتصر على جنوب لبنان، بل شمل لبنان كله، بشكل غير مباشر إشارة إلى التحركات التنظيمية والسياسية. الأول هو انتخاب رئيس للجمهورية وبالتالي فإن عدم الالتزام بهذه الخطوات أو الاتفاقات سيكون بمثابة انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار.
ثالثاً، الدعم الدولي للبنان، سياسياً ومالياً، يتطلب أيضاً خلق وضع مؤسسي شامل وسلطة قادرة على اتخاذ القرارات وتنفيذها.
إن انتخاب رئيس للجمهورية يؤكد جدية لبنان في استعادة الوضع المؤسسي الدستوري وتشكيل حكومة الإصلاح وفتح باب المساعدة والدعم، خاصة للجيش اللبناني الذي يحدد دوره وأدائه نجاح عملية تنفيذ الاتفاق. والانتقال من وقف إطلاق النار إلى نهاية الحرب يعتمد عليه.
رابعاً: التغيير الواضح في الأجواء والمواقف السياسية، خدمة للتهدئة والاتفاق الداخلي على قواعد وأسس جديدة، والدفع باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية، خاصة بعد أن أعطى حزب الله إشارات تشير إلى ذلك بأنه يعطي الأولوية وتفضيله للعمل السياسي على العمل العسكري واستعداده لدخول المجال السياسي.
أما أسباب الفشل، فهي تعود في البداية إلى ظهور بولس مسعد، مستشار الرئيس دونالد ترامب للشؤون العربية والشرق أوسطية، الذي دعا إلى الحذر وعدم التسرع في انتخاب الرئيس، معتبراً أن من انتظر ساعتين ولم يتمكن من انتخاب الرئيس لسنوات أو أكثر ويمكن الانتظار شهرين أو ثلاثة أشهر.
وتوقف المراقبون عن هذا التصريح، وهو ما يعني أن فريق ترامب يتعامل مع اجتماع 9 كانون الثاني/يناير بدم بارد بينما لبنان لا يزال تحت المراقبة، ومدى التزامه بتنفيذ قرار وقف إطلاق النار، ولا سيما التزام حزب الله، لا يزال غير واضح بالانسحاب من مراقبيها. مواقفه ومدى قدرة الجيش على إلغاء مظاهر القوات المسلحة وعدم التسامح تجاه (الحزب)، وهذا وحده يمثل اختباراً لقائد الجيش، المرشح الأوفر حظاً بين الأميركيين.
ولعل هناك رغبة من جانب إدارة ترامب في وضع بصمتها على هذا الادعاء وبالتالي تأجيل الحل إلى ما بعد تنصيب الرئيس ترامب في 20 كانون الثاني (يناير).
وكانت الإدارتان الأمريكيتان (بايدن وترامب) قد اتفقتا على الاتفاق أعلاه (وقف إطلاق النار)، لكن يبدو أنه ليس نهائيا في ظل التطورات الإقليمية الراهنة. على صعيد التصرفات الفلسطينية أو السورية، هناك احتمالات قد تؤدي إلى تدمير وقف إطلاق النار الهش بين لبنان وإسرائيل، ولا تزال المفاوضات مع طهران غير واضحة.

اقرأ أيضًا: الإجازة قربت وتفتح القلوب.. العطلة الربيعية 2025 في المغرب موعد مع الراحة

صحفي متخصص في الشؤون السياسية والاجتماعية، يكتب في جريدة "مانشيت" بزاوية تحليلية تجمع بين الدقة والعمق. يهتم بتبسيط القضايا المعقدة وعرضها بلغة واضحة تربط القارئ بالحدث من جميع جوانبه.