سورية الجديدة.. من الفوضى إلى الدولة

في منتصف القرن التاسع عشر كانت ألمانيا تعاني من التشظي والانقسام، ومن حسن حظ ألمانيا أن كان في عهد بولندا عهد أوتو إدوارد ليوبولد فون بسمارك، هذا الرجل لا يزال موجودًا بالاسم في التاريخ ألمانيا، فهو من سخر من الحروب الصعبة ضد الثلاثاء والنمسا وفرنسا من أجل توحيد الألماني على راية الدولة، وبالفعل كانت التقدم بسمارك في توحيد ألمانيا مثالاً على الاستثمار بشكل إيجابي، وأسيس ما يُعرف بـ«الرايخ الألماني الثاني».
بسمارك في الوقت الحالي اجهزه بعد حرب ألمانيا السوفيتية لبناء الدولة، وبالتالي الدولة كانت بالدرجة الأولى من بوابة الاقتصاد، وبالفعل كان وما زال ألمانيا هي القوى الاقتصادية منذ ذلك الحين عقود، وما تعيشه ألمانيا اليوم من متانة في الاقتصاد الألماني نتيجة لتأثيرات الإدارة.
سورية اليوم حاجة إلى (بسمارك) بمواصفات سورية، فهي تملك شعباً عانى من تجربة الحروب، اكتشف أن الحروب لم تحسم ولا تحن فهو أحوج ما يكون اليوم إلى الوحدة، والخبرة من أجل تعب وعنف ليلت أوصلت سوري إلى أدنى درس لا يمكن نسيانه، ولن يتم تجاوزه إلا العمل على تجنب الاصطدام المذهبي أو مناطق أو دين.

حكم اللون الواحد
بكل تأكيد، يسقط حكم نظام البعث السوري بعائلة الأسد، درس كامل أمام كل حاكم يدخل القصر، وهذا قانون حكم جديد في سورية أن الكاتباتور واللون الواحد في الحكم لن يكتب له الحياة في سورية، وأن السلطة القاتلة للحاكم وللشعب، وبالتالي لا خيار سوى الانتقال إلى مفهوم الدولة.
سورية أمام مفترق كبير، فرصة للتمتع بيابان الشرق إذا تجاوزت الكمائن التجارية والداخلية، فالقوة لا يمكن قبولها في كل العالم، والخبرات التي اكتسبتها السورية في الخارج على مدى السنوات الماضية، بالإضافة إلى المظهرات اقتصادية ومقومات أخرى، من مجرد تحويل سورية إلى دولة غير مؤكدة ذات طابع مستقطب واقتصادي.

اقرأ أيضًا: قلب الموازين.. تغيير مفاجئ بقانون الخدمة العسكرية 2025 في الجزائر

في وسط القرن التاسع عشر كانت ألمانيا تعاني من التشظي والانقسام، ومن حسن حظ ألمانيا أن كان لديها السياسي المعروف أوتو إدوارد ليوبولد فون بسمارك، هذا الرجل لا يزال اسماً كبيراً في تاريخ ألمانيا، فهو من سخر الحروب القصيرة الثلاث ضد الدنمارك والنمسا وفرنسا من أجل توحيد الألمان على راية الدولة الواحدة، وبالفعل كانت إستراتيجية بسمارك في توحيد ألمانيا مثالاً على استثمار الحروب بشكل إيجابي، وتأسيس ما يسمى بـ«الرايخ الألماني الثاني».
بسمارك في الوقت ذاته اتجه بعد حروب ألمانيا القصيرة إلى بناء الدولة، وبناء الدولة كان بالدرجة الأولى من بوابة الاقتصاد، وبالفعل كانت وما زالت ألمانيا هي العقل الاقتصادي الأوروبي منذ عقود، وما تعيشه ألمانيا اليوم من متانة في الاقتصاد الألماني نتيجة تراكمات تاريخية.
سورية اليوم بحاجة إلى (بسمارك) بمواصفات سورية، فهي تمتلك شعباً عانى من تجربة الحروب، اكتشف أن الحروب لا تحسم ولا تحل القضايا، فهو أحوج ما يكون اليوم إلى الوحدة، ولعل التجربة المرة من لجوء وعنف وقتل أوصلت السوريين إلى أدنى القاع درس لا يمكن نسيانه، ولن يتم تجاوزه إلا بالعمل على تجنب البلاد الاصطدام المذهبي أو المناطقي أو الديني.
حكم اللون الواحد
بكل تأكيد فإن سقوط حكم نظام البعث السوري المتمثل بعائلة الأسد، درس كبير سيكون أمام كل حاكم يدخل القصر، وهذا قانون حكم جديد في سورية أن الديكتاتور واللون الواحد في الحكم لن يكتب له الحياة في سورية، وأن السلطة قاتلة للحاكم وللشعب، وبالتالي لا خيار سوى الانتقال إلى مفهوم الدولة.
سورية أمام مفترق كبير، لديها فرصة أن تتحول إلى يابان الشرق الأوسط إذا تجاوزت الكمائن السياسية الخارجية والداخلية، فالقوة البشرية المنتشرة في كل العالم، والخبرات التي اكتسبها السوريون في الخارج على مدار السنوات الماضية، بالإضافة إلى الإمكانات الاقتصادية ومقومات أخرى، من شأنها تحويل سورية إلى بلد استثنائي ومركز استقطاب سياسي واقتصادي.

اقرأ أيضًا: هتقدري تعيشي بكرامة وتستقلي ماليًا.. منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 هتساعدك تغطي مصاريفك وتبدأي حياة جديدة

صحفي متخصص في الشؤون السياسية والاجتماعية، يكتب في جريدة "مانشيت" بزاوية تحليلية تجمع بين الدقة والعمق. يهتم بتبسيط القضايا المعقدة وعرضها بلغة واضحة تربط القارئ بالحدث من جميع جوانبه.