يشهد القطاع الصحي في مصر تحولًا ملحوظًا نحو الأفضل، بفضل جهود مكثفة لتعزيز جودة الرعاية الصحية وتقليل التكاليف وزيادة الكفاءة. هذه الإنجازات تأتي في إطار تطبيق آليات الحوكمة المتطورة، التي بدأت تؤتي ثمارها في مختلف جوانب المنظومة الصحية.
قفزة نوعية: كيف غيرت الحوكمة الإكلينيكية وجه الرعاية المركزة؟
كشف رئيس هيئة الرعاية الصحية عن الأثر الإيجابي الكبير لـ الحوكمة الإكلينيكية على خدمات العناية المركزة. فبفضل هذه الآليات، تحسن متوسط إقامة المرضى في وحدات العناية المركزة بشكل ملحوظ، ووصلت نسبة التحسن في الرعاية الحرجة إلى 69%. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل زادت الطاقة الاستيعابية لأسرة الرعاية المركزة بنسبة مبهرة بلغت 63%.
الصيدلة الإكلينيكية: توفير ملايين الجنيهات وتحسين استخدام المضادات الحيوية
بالإضافة إلى ذلك، ساهم تفعيل الصيدلة الإكلينيكية ومراجعة وصف الأدوية في تحقيق إنجاز مالي لافت، حيث تم خفض تكلفة الدواء خلال عام 2024 بقيمة بلغت 22 مليون جنيه مصري. ولم تتوقف الفوائد عند التوفير المادي، فقد تحسنت مؤشرات الاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية بنسبة انخفاض وصلت إلى 25%، مما يعزز من سلامة المرضى ويقلل من مقاومة البكتيريا للمضادات.
شفافية أكبر: انخفاض الأخطاء الطبية بفضل زيادة الإبلاغ
لم تتوقف إنجازات الهيئة عند هذا الحد، فقد شهدت زيادة غير مسبوقة في معدل الإبلاغ الطوعي عن الأخطاء، بنسبة بلغت 83%. هذه الزيادة تعكس وعيًا متزايدًا بأهمية ثقافة الإبلاغ لضمان سلامة المرضى. ونتيجة لذلك، انخفض معدل الأخطاء الدوائية في محافظة بورسعيد بنسبة وصلت إلى 27%، مما يؤكد فعالية هذه المنهجية في تحسين جودة الخدمة المقدمة.
ثورة رقمية: 6 ملايين سجل صحي وأرشفة ذكية بفضل الذكاء الاصطناعي
أكد رئيس هيئة الرعاية الصحية أن الهيئة حققت تقدمًا هائلًا في مجال الحوكمة وتعزيز جودة الرعاية الصحية، وذلك بفضل تبنيها لمنظومة متطورة لإدارة المعلومات الصحية. هذه المنظومة تعتمد على أكثر من 6 ملايين سجل صحي إلكتروني موحد، مما يضمن دقة البيانات وسهولة الوصول إليها. كما تستخدم الهيئة أنظمة الترميز الدولية الحديثة مثل ICD11 وGS1 لتوحيد وتصنيف المعلومات الطبية بدقة عالمية.
ولم يتوقف الأمر عند السجلات، فالهيئة فعّلت نظام المعلومات المعملية (LIS) في 294 معملًا، بالإضافة إلى أرشفة ما يقارب نصف مليار صورة أشعة رقميًا باستخدام أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي. هذه الخطوات تعزز بشكل كبير من كفاءة الرعاية الصحية وتسرع من عملية اتخاذ القرارات الطبية، مما ينعكس إيجابًا على صحة المرضى.
ركائز أساسية لاستدامة الرعاية الصحية: الحوكمة تقود التغيير
أضاف رئيس الهيئة أن نجاح إصلاحات النظام الصحي وتحقيق استدامة الرعاية الصحية يرتكز على عدة محاور أساسية. هذه المحاور تشمل: حوكمة الأداء والبيانات، التحول الرقمي، تنمية الموارد البشرية، تحسين العلاقات مع المرضى، الابتكار، والحوكمة الإكلينيكية. وأكد أن الحوكمة لم تعد مجرد إجراءات إدارية، بل أصبحت أداة استراتيجية لا غنى عنها لتحسين النتائج الصحية والارتقاء الشامل بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين.