في تطورات متسارعة تثير القلق الإقليمي والدولي، يتصاعد الحديث عن التهديد النووي الإيراني الذي بات يلوح في الأفق، خاصة بعد التقدم الكبير الذي أحرزته طهران في تخصيب اليورانيوم. فما هي أبعاد هذا التهديد؟ وكيف يرى الخبراء مستقبله؟
كشف المفكر الاستراتيجي والخبير بالشأن الإيراني، الأستاذ هاني غطاس، خلال حواره ببرنامج “الحكاية” مع الإعلامي عمرو أديب على قناة “إم بي سي مصر”، أن إيران أصبحت تشكل تهديدًا نوويًا حقيقيًا ووشيكًا. وأوضح غطاس أن هذا الخطر جاء بعد قفزة نوعية في تخصيب اليورانيوم، حيث ارتفعت النسبة من 20% إلى 60%، مع إمكانية وصولها إلى 90% اللازمة لصنع القنبلة النووية خلال أسابيع قليلة.
إيران تتجه نحو الصواريخ النووية.. لماذا؟
وبعد قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بإلغاء الاتفاق النووي الإيراني عام 2018، أشار غطاس إلى أن طهران اتجهت بسرعة نحو تطوير صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية. وجاء هذا التطور لتعويض النقص لديها في الطائرات والغواصات الحديثة التي تناسب هذه الأغراض العسكرية الاستراتيجية.
عوامل تدفع التصعيد.. ما هي الأسباب الحقيقية؟
وفي سياق متصل، ربط غطاس التوقيت الحرج للتصعيد الحالي بثلاثة عوامل رئيسية. أولها، انتهاء مهلة الشهرين التي حددها ترامب للمفاوضات، وثانيها، إعلان المعارضة الإيرانية عن “خطة كوير”، وهي خطة مزعومة كشفت تفاصيل حساسة تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني. أما العامل الثالث، فهو التحذير الصارم الذي وجهته الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإيران، بخصوص تجاوزها للحدود المسموح بها في الأنشطة النووية.
نتنياهو يرى في الضربة النووية فرصة للبقاء السياسي
على الجانب الإسرائيلي، أكد غطاس أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ورغم تعرضه لانتقادات واتهامات بالجبن من المعارضة الإسرائيلية، يسعى لتتويج مسيرته السياسية الطويلة بضربة عسكرية حاسمة ضد إيران. وتهدف هذه الخطوة، بحسب غطاس، إلى إزالة “الخطر الوجودي” الذي تمثله إيران لإسرائيل، وهو ما ساهم في تعزيز شعبيته بشكل مؤقت في استطلاعات الرأي الأخيرة.
ولتعزيز خطورة الموقف، أوضح غطاس أن إيران تمتلك احتياطيًا ضخمًا من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، ويبلغ حوالي 6 أطنان. وأشار إلى أن هذا الاحتياطي يمكن تحويله بسهولة إلى 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، ومن ثم إلى نسبة 90% المطلوبة للتصنيع العسكري في مفاعل نووي خلال فترة لا تتجاوز أسبوعين فقط. هذه الأرقام، كما ذكر غطاس، تجعل عامل الوقت في غاية الأهمية وحاسماً بالنسبة لإسرائيل.
هل يتكرر سيناريو صدام حسين؟
واختتم المفكر الاستراتيجي ورئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، الأستاذ هاني غطاس، حديثه بالتأكيد على أن هذا التهديد النووي الإيراني يذكّر بحدة وخطورة تجربة الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين وادعاءاته بامتلاك أسلحة كيميائية. لكنه نبه إلى أن إيران اليوم تتمتع بقدرات نووية أكثر جدية وتطوراً، مما يضفي بعداً جديداً على حجم الخطر.