كشفت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” أن عددًا متزايدًا من المصنعين الصينيين بدؤوا في نقل مصانعهم وإنتاجهم إلى مصر. يأتي هذا التحرك في مسعى لتخفيف تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة على منتجاتهم من الصين ودول جنوب شرق آسيا.
وبحسب الصحيفة، فإن زيارات أصحاب المصانع الصينية لمصر أصبحت مشهدًا يتكرر، ما يعكس تحولًا أوسع في سلاسل التوريد العالمية. يسعى هؤلاء المستثمرون إلى تأسيس قواعد إنتاج جديدة في الأراضي المصرية، انطلاقًا من إيمانهم بأن مصر توفر لهم ملاذًا آمنًا من وطأة التعريفات الجمركية الأمريكية الضخمة.
لماذا تغيرت خريطة الإنتاج الصيني؟
تعود جذور هذه التحولات إلى ولاية الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الذي فرض رسومًا جمركية قاسية على الصين. دفعت هذه الخطوة المصدرين الصينيين للبحث عن بدائل، حيث نقل الكثير منهم إنتاجهم إلى الخارج، وكان خيارهم الأول في ذلك الوقت هو دول جنوب شرق آسيا.
لكن المفاجأة كانت في أبريل الماضي، عندما أصبحت دول جنوب شرق آسيا نفسها هدفًا لرسوم جمركية أمريكية عالية، وصلت إلى 49% على واردات المنطقة، فيما عُرف بـ”الرسوم المتبادلة” التي أعلنها ترامب. جاء هذا بالإضافة إلى الرسوم السابقة الباهظة على السلع الصينية التي بلغت 145%.
على الرغم من تجميد واشنطن لـ”الرسوم المتبادلة” وخفض الرسوم الجمركية على الصين إلى 30%، إلا أن هذه الإجراءات لم تُلغَ بالكامل. ومن المتوقع أن تعود هذه الرسوم للتطبيق قبل نهاية الصيف إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري. هذا الوضع دفع الكثير من الشركات الصينية إلى البحث عن أسواق بديلة لتنويع قواعد إنتاجها. وهنا، برزت مصر بقوة كخيار مفضل وشائع، بفضل موقعها الاستراتيجي، واستقرارها النسبي، بالإضافة إلى انخفاض معدل الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة عليها.
مصر.. لماذا أصبحت وجهة المستثمرين الصينيين؟
في أبريل الماضي، فرضت واشنطن على مصر الحد الأدنى من الرسوم الجمركية، والذي يبلغ 10% فقط. هذا المعدل المنخفض، إلى جانب الشعور السائد بين المستثمرين الصينيين بأن مصر أقل عرضة لاستهداف التعريفات الجمركية الأمريكية المستقبلية، يجعلها وجهة استثمارية مغرية.
استثمارات صينية متنامية في قلب الشرق الأوسط
وفي دليل على هذا التوجه، أعلنت جمعية أعمال مصرية في مارس الماضي عن 10 صفقات استثمارية صينية جديدة، بإجمالي قيمة بلغت 60 مليون دولار أمريكي. تُركز غالبية هذه المشاريع الصناعية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، مما يؤكد جاذبية هذه المنطقة للمصنعين.
وحتى عام 2023، وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات رسمية صينية، وصل إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر الصيني في مصر إلى 1.29 مليار دولار أمريكي. وتشير التقارير إلى أن هناك أكثر من 2500 شركة صينية تعمل بنشاط داخل مصر، مما يعكس الشراكة الاقتصادية المتنامية بين البلدين.