اللغة العربية بحرٌ واسع من الكلمات والمعاني والأساليب الفريدة، وفي هذا البحر تبرز كلماتٌ تُثير الفضول وتُحير البعض حول صياغتها، ومن أبرز هذه الكلمات هي “هدهد”. لطالما كان جمع هذه الكلمة سؤالاً متكررًا في امتحانات اللغة العربية، وقد أثار الدهشة والحيرة بين الطلاب لكونه لا يتبع القواعد التقليدية للجمع. فما هو الجمع الصحيح لكلمة هدهد؟ وكيف يتم استخدامها في قاموس لغتنا الغنية؟
الجمع الصحيح لكلمة “هدهد”: سرٌّ لغويٌّ يكشف نفسه
يُعرف الهدهد بأنه طائرٌ يتميز بعُرفٍ أنيق على رأسه، وألوان ريشه البني الفاتح المرقّط بالأسود والأبيض بانسجام بديع. يشتهر بطريقته الفريدة في الطيران، ويتغذى على الحشرات، ولهذا يُعد من أصدقاء الفلاحين في المناطق الزراعية.
أما عن جمع كلمة “هدهد”، فالإجابة بسيطة وواضحة: تُجمع الكلمة جمع تكسير، وهو نوع من الجموع يتغير فيه شكل الكلمة الأصلي، على عكس جمع المذكر السالم أو المؤنث السالم. وبناءً على ذلك، فإن جمع “هدهد” هو “هداهد”، للدلالة على أكثر من هدهد واحد. يتميز جمع التكسير بأنه يُطبق على الكلمات التي لا تتبع قواعد الجمع المنتظمة.
الهدهد في التراث والحضارات: لماذا حظي بكل هذا التكريم؟
لم يكن طائر الهدهد مجرد طائر عادي؛ بل حظي بمكانة استثنائية في التراث الإنساني عبر العصور. فقد منحه عُرفه الملكي وقوامه الممشوق وألوان ريشه الجذابة هالة من القدسية والرمزية، خاصةً مع ميل الإنسان لإسقاط المعاني العميقة على الكائنات والطبيعة.
في الحضارة المصرية القديمة، كان الهدهد يُقدّر بشكل خاص، حيث ربطه المصريون القدماء بمقدساتهم، وبالتحديد بـ“عين حورس”، التي كانوا يعتقدون أنها تتمتع بقدرة على رؤية العوالم الخفية. أما الإغريق، فقد آمنوا بأن الهدهد يمتلك قدرة خارقة على فتح الأماكن المغلقة. وفي إحدى أساطيرهم، يُذكر أن الملك “تيريوس” مُسخ إلى هدهد كعقاب له.
وعلى الصعيد الديني والثقافي، تكتسب كلمة “هدهد” دلالات رمزية عميقة. ففي القصص القرآني، يُعد الهدهد رمزًا للذكاء الفطري، والبصيرة، والبحث الدؤوب عن الحقيقة والمعرفة. وعند استخدام الجمع “هداهد”، قد يضيف ذلك بُعدًا دلاليًا يشير إلى وجود مجموعة من الطيور أو الشخصيات التي تتشارك هذه السمات الذكية في النصوص الأدبية المختلفة.